كتب .. طاهر علوان
لا شك أن لكل زمن رجاله ونساءه وأحداثه ولا تتشابه الأزمنة إلا ظاهرا، ففي يوم ما كانت الجواري والقيان يملأن قصور حاضرة الرشيد بغداد، وكان ذلك من علامات الرخاء والرفاهية التي عاشها الأباطرة والسلاطين فوجدوا في التسرّي وضرب العود والرقص واقتناء الجواري ما يجعل حياتهم أكثر متعة.على وقع ذلك الماضي التليد تعيش بغداد ما بعد 2003 متغيرات اجتماعية حادة وتمزّقات غير مسبوقة، ويوما بعد يوم بدأت تقدم لنا ظواهر مشوّهة ومنها ما صار يعرف بالفاشينستات وهو مصطلح صار شائعا اليوم في الحياة العراقية.ثمة ظاهرة تمثلها تلك الفاشينستات، أنهن نتاج مجتمع يضيق على المرأة وقد امتدت أعمار النساء سدى وهن أسيرات الجدران الأربعة لسنوات من حيث كونهن الفئات الهشة في المجتمع في مواجهة آلتي الحرب والقتل.
أما إذا نظرنا إلى الظاهرة من زوايا أخرى فسوف نجد أن ذلك الريع المالي الذي لا حدود له والسرقات المليارية التي تتم في وضح النهار في عراق اليوم قد أنتجت طبقة أوليغارشية انتهازية منتفعة لا تتورع عن استخدام أي وسيلة للوصول إلى أهدافها تسندها كافة الأدوات الضاربة للدولة العميقة.أنتجت هذه الطبقة الأوليغارشية فيما أنتجت وضعا طبقيا شاذا وهجينا لكائنات كانت إلى وقت قريب غارقة في الفقر والإذلال وإذا بها هي المتحكمة في المال وحتى مصائر البشر.
وهنا كانت الحاجة للبديل الموازي للجواري والقيان وحيث شهدنا ذلك النمط من النساء اللائي تم تشويههن بشكل فظيع من جراء عمليات التجميل وهي في الواقع عمليات تقبيح من نفخ للشفاه وتضخيم للأوداج وما إلى ذلك وهن وغيرهن من نجمات وسائط التواصل الاجتماعي، وهو ما اصطلح عليه بفاشينستات بغداد اللائي صرن امتدادا لطبقة الأوليغارشية يمارسن حياتهن المترفة على اتساعها ولا يقف في وجوههن أي عرف أو قانون أو مسؤول فهنّ الخصم الحكم.
يتفرج المواطن العراقي يوميا على قصص غرائبية مصدرها الفاشينستات فهذه التي تخبر ضابط الدورية أنها سوف تنقله وراء الشمس والأخرى التي تدخل إلى ختامي خليجي 25 بسيارة مصفحة حكومية إلى منصة كبار المسؤولين وغير ذلك كثير، وحيث تتضخم ظاهرة الفاشينستات وتظهر إحداهن في ذروة أزمة الدولار التي تطحن حياة العراقيين قائلة إنها سوف تبذل جهدها لعودة الدولار إلى سعر الصرف السابق، لكن كيف لا أحد يعلم لأنه سر من أسرار فاشينستات بغداد وقدراتهن الخفية.