علاء كولي
تتصاعد حدة الجدل السياسي إثر تعديل مشروع قانون الانتخابات المحلية المزمع التصويت عليه في البرلمان اليوم الأحد، إذ تنشطر المواقف بين قوى "مؤيدة" لتمرير سانت ليغو، وأخرى معارضة بشدة لإعادة الدائرة الواحدة على حساب الدوائر المتعددة.
وشهد الخلاف تصاعداً تدريجياً بعد أن أنهى مجلس النواب القراءتين الأولى والثانية لمقترح قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجالس المحافظات والأٌقضية رقم 12 لسنة 2018، وفق ما يسمى بنظام سانت ليغو المعدل والذي سيكون وفق قاسم انتخابي جديد، وهذا ما أثار الكتل السياسية الناشئة التي تراه "غبنا واضحا" لها بينما تعتبر الكتل السياسية التقليدية قانوناً ناجحاً ويلائم المشهد العراقي.
لماذا الجدل؟
فكرة الجدل التي لاتزال قائمة حتى الآن بين طرفي الخلاف، تقوم على أساس أن هناك كتلا سياسية تريد العودة للبرلمان بشكل أقوى بعد تعرضها لخسارة فادحة بالأصوات الانتخابية، في الانتخابات المبكرة التي جرت عام 2021، وفق آلية الدوائر المتعددة التي سمحت بصعود أحزاب وشخصيات جديدة إلى القبة التشريعية.
يقول الخبير بمجال الانتخابات قاسم الربيعي، إن "انتخابات 2013 كان قد طبق فيها نظام سانت ليغو الأصل والذي يكون فيه التقسيم (1.3.5) وهذا ما تم العمل به في انتخابات مجالس المحافظات في تلك السنة فقط".
ويضيف الربيعي، أنه في "الانتخابات البرلمانية لعام 2014، طبق أيضا نظام سانت ليغو، لكن تم تعديل التقسيم وأصبح (1.4)، أما قانون الانتخابات المحلية الجديد لعام 2023، فإنه سيكون وفق نظام سانت ليغو المعدل للمرة الثالثة حيث سيكون وفق تقسيم (1.9)".
بيد أن مصادر نيابية أبلغت "ميل"، بأن الاتفاق الأخير الذي جرى في الأروقة السياسية، يقضي بتمرير سانت ليغو (1.6).
الأحزاب الكبيرة كما يقول الربيعي، "عادة ما تركن للنظام الانتخابي الذي يحقق مصلحتها فنظام سانت ليغو المعدل الجديد يكون على وفق القائمة شبه المفتوحة وهذا يحقق لها الاستفادة من جوانب عدة، منها أن تضمن جميع الأصوات التي تحصل عليها القائمة واستبعاد الاحزاب الصغيرة والمستقلين، إضافة إلى أن كبر الدائرة الانتخابية يعني تجميع أصوات ناخبيهم على عموم المحافظة".
وعقب القراءة الثانية لمشروع قانون الانتخابات، كان عدد من منظمات المجتمع المدني والكتل السياسية والمستقلين قد أبدوا اعتراضهم ورفضهم للقانون، معتبرين إياه تكريسا وعودة لهيمنة الكتل السياسية التي تسيطر على المشهد السياسي منذ العام 2003 وحتى الآن، وحرماناً للأحزاب الجديدة من المشاركة في العملية السياسية.
وفي المقابل، قد تبدو مبررات القوى السياسية الكبيرة "واقعية"، في ظل المساعي الرامية لتحقيق استقرار سياسي، بعد فترة الجدل المحتدم التي شهدها العراق بعد انتخابات 2021، التي تسببت بأطول انسداد سياسي، كان أن يتحول إلى اقتتال في وسط العاصمة العراقية بغداد.
وبحسب القانون الذي تمت قراءته مرتين، فإن أبرز التغييرات التي ستكون في القانون الجديد المعدل، هو اعتبار كل محافظة دائرة انتخابية واحدة، وفرز النتائج يكون الكترونيا ويدويا لكل المحطات بدل أن يكون الفرز في محطة واحدة، كما حصل في انتخابات 2021، وكذلك أصبح لكل مرشح 100 الف ناخب، إضافة لتقليل عدد المقاعد الى النصف عما كانت عليه سابقا في انتخابات مجالس المحافظات 2013.
خيارات ومواعيد
يرى الخبير في شؤون الانتخابات عادل اللامي، أن "انتخابات مجالس المحافظات هي استحقاق دستوري لابّد من اجرائها وفق توقيتات ثابتة وان قرار البرلمان السابق بتجميدها لا يتوافق مع الدستور، الان نحن امام خيارين، اما السعي لإجرائها وفق القانون النافذ رقم ١٢ لسنة ٢٠١٨ والذي لم تجرِ بموجبه اي انتخابات بعد صدوره ولحد الان".
يضيف اللامي أن "النظام النسبي في القانون حدد طريقة احتساب المقاعد وفق طريقة سانت ليغو التي تعارف على تسميتها والتي تبدأ بالقسمة حسب المتوالية العددية التي تبدأ بـ(1.9، 3، 5، 7) على ان تكون المحافظة دائر انتخابية، وهذا النظام بالدوائر الواحدة على مستوى المحافظة سبق وان رفض من قبل المحتجين في تظاهرات 2019".
وأفرزت الانتخابات الأخيرة، بحسب اللامي، "انحساراً في عدد المقاعد التي حصلت عليها الاحزاب التقليدية، وهذه النتيجة جعلت من قوى الموالاة الحالية في البرلمان الى الاتجاه لعدم اتباع الخيار الثاني المشابه للنظام الانتخابي الذي اجريت به انتخابات مجلس النواب المبكرة الاخيرة وهو نظام الصوت الواحد غير المتحول وبالدوائر الصغيرة المتعددة".
ويوضح اللامي أن "القوى الحالية مجمعة على العودة لنظام سانت ليغو دون الاكتراث للمطالب الشعبية التي تدعو لنظام انتخابي واحد لكل انواع الانتخابات سواء نيابية او محلية ولكل الدورات الانتخابية لا ان يتم التلاعب وتعديل القوانين الانتخابية على مقاسات ومصالح قوى سياسية بعينها تحاول تأبيد وجودها لكل الدورات الانتخابية من خلال الالتفاف على المسطرة الانتخابية التي يفترض ان تطبق نفس القانون لكل الانتخابات".
يؤكد اللامي ان "قانون الانتخابات هو الوسيلة والأداة بيد الشعب التي بموجبها يختار ممثليه لا ان يشرع هذا القانون من قبل قوى سياسية بعينها دون اشراك بقية قوى المعارضة والممثليات الشعبية الاخرى، انه من حق اي كيان سياسي ان يحاول الفوز في اي انتخابات لكن شريطة ان تجرى بقانون ثابت لكل عملية انتخابية".
موقف المحتجين
يرى الناشط في تظاهرات الناصرية صادق الزيدي أن "العودة لنظام سانت ليغو سيعزز الموقف من وجود الكتل السياسية التقليدية وعدم فسح المجال للأحزاب الناشئة بالصعود أو الفوز في أي مشهد انتخابي وهذا الأمر أساساً كان محط رفض على مستوى الاحتجاجات".
رفض
يرى النائب عن حركة امتداد فلاح الهلالي، أن "القانون القديم كان أقرب إلى الانصاف وأقصى الاحزاب التقليدية، وفتح باب كبير على الاحزاب الناشئة والمستقلين، وكان للنواب المستقلين تأثيرا كبيرا بتشكيل الحكومة".
يضيف الهلالي، أن "ارجاع القانون القديم يأتي لكونه يخدمهم بسبب ما يملكون من اموال في استخدامها بانتخاباتهم على عكس المستقلين، كذلك عادوا بالتعويض من نفس القائمة وليس اكبر الخاسرين، وهذا غير عادل، أما موقفنا هو رفض هذا القانون ويوجد لدينا تواصل مع جميع القوى وخاصة قوى التغيير والناشطين بالوقوف بوجه هذا القانون".
تمرير القانون
يرى النائب عن حركة حقوق محسن السعيدي، بأنه "لا يوجد أي مانع في تمرير قانون الانتخابات المحلية المقبلة (سانت ليغو)، لكن لدينا بعض الملاحظات والتعديلات نعتقد أنها من أجل الصالح العام والحفاظ على العملية السياسية، مقترح الدائرة الواحدة فيه جنبة سياسية، وايضا الدوائر المتعددة فيها عدد من السلبيات".
يؤكد السعيدي، أن "القانون سيمر، وحقوق لديها بعض التحفظات على بعض الأمور، لكن لابد من أن تسير العجلة السياسية بشكل واضح ولا تعود الى مرحلة الانسداد السياسي مثلما كانت عليه في الدورة الانتخابية الماضية".
وفي سياق ذلك أعلنت كتلة سند وهي منضوية في الإطار التنسيقي عن تأييدها لمقترح قانون الانتخابات الجديد والذي سيكون عبر الدائرة الانتخابية الواحدة.
وفي شباط الماضي، أكدت كتلة دولة القانون النيابية عبر النائب محمد الشمري، وجود اتفاق داخل ائتلاف إدارة الدولة للمضي بالتصويت على قانون انتخابات مجالس المحافظات، وأشارت إلى أن القانون أعد لخلق كتل كبيرة داخل هذه المجالس.
الى ذلك أعلن مجلس النواب بأن جلسة اليوم الأحد 19 أذار/ مارس 2023، ستتضمن التصويت على تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية.