الصفحة الرئيسية / في ذي قار .. طرق الموت تسابق الحياة

في ذي قار .. طرق الموت تسابق الحياة

علاء كولي


على جهاز الأوكسجين، يراقب الأطباء بشكل متواصل حالتها الصحية، في إحدى المستشفيات الأهلية بذي قار، حيث ترقد أم أحمد (65 عاما) منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، على أثر حادث مروع ذهب ضحيته طفلة بعمر الثلاث سنوات وأصيب عدد من المرافقين لها.


صباح نفس اليوم، كانت أم أحمد كما يقول أحد أقربائها، قد نهضت مبكرا لاستقبال بناتها المتزوجات من أجل الذهاب الى أحد المراقد في شمال المحافظة، وهي عادة اجتماعية ودينية يذهب فيها الناس الى المراقد والاضرحة الدينية في بعض المناسبات، حيث كانت قد اكملت كافة الاستعدادات للرحلة بما فيها توفير سيارة النقل.


بعد انطلاق السيارة بعائلة أم أحمد قاصدة مرقدا دينيا في مدينتها، واجهت سيارتهم سيارة أخرى مسرعة لتصطدم بها وجها لوجه لتتسبب بإصابة 4 نساء، من بينهن أم احمد واثنين من بناتها إضافة إلى زوجة ابنها، فيما توفيت طفلة بعمر 3 سنوات كانت ترافقتهن.


تشهد ذي قار حوادث مرورية تكاد أن تكون مشهدا يوميا، في أغلب الطرق الداخلية والخارجية في عموم المحافظة، ولم تتوقف الحوادث المرورية بين السيارات فقط، بل سجلت حوادث مرورية بين الدراجات النارية أيضا، مما سبب سقوط المئات من الضحايا وسط رداءة الطرق وعدم الالتزام بالسلامة.


إجراءات حكومية


يؤكد مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين حيدر سعدي لـ"ميل" أن "هناك توجيهاً من قبل الحكومة المحلية بتجديد الإجراءات على الطرق العامة والطرق التي تؤدي الى مداخل المحافظة، كما أن الاموال التي تستوفيها دوائر المرور بالمحافظة والتي تذهب لوزارة المالية من شأنها أن تؤهل تلك الطرق بمنظومات مراقبة متطورة".


يضيف سعدي أن "الحكومة المحلية خاطبت وزارة المالية بشأن تلك الأموال واطلاقها من أجل تأهيل الطرق بالكامل وإضافة منظومات للمراقبة ونصب أجهزة الرادار لكن حتى الآن لا يوجد أي حسم للموضوع وهذه الأموال من شأنها أن تقلل من الحوادث المرورية على الطرق الخارجية".


ذي قار ثاني أو ثالث أعلى محافظة في العراق من حيث الحوادث المرورية كما يقول سعدي والتي وصلت الى أرقام قياسية وهذا أمر مقلق ويحتاج الى معالجات فاعلة، اضافة لبعض الأسباب المتراكمة بينها ازدياد أعداد السيارات وضعف الرقابة المرورية ورداءة الطرق والسرعة العالية وعدم التزام السائقين بقواعد السلامة والامان، إضافة لأسباب أخرى كثيرة".


ودعا سعدي "دائرتي المرور والطرق والجسور الى ضرورة تفعيل دورهما بموضوع مراقبة الطرق من خلال نشر مفارز ودوريات مرورية مستمرة، وتنظيم حملات إعلامية وإرشادية تتضمن قواعد السلامة والامان على الطرق الخارجية".


حوادث مفزعة


مطلع العام 2023 وبالتزامن مع انطلاق بطولة كأس الخليج في البصرة، كانت محافظة ذي قار قد شهدت أكبر حادث مروري قرب قضاء سوق الشيوخ جنوب الناصرية، حيث اصطدمت حافلة تقل مشجعين ذاهبين الى البصرة بسيارة حمل كبيرة ما أدى إلى مصرع وإصابة أكثر من 20 شخصا.


وخلال أسبوع واحد من شهر يناير/ كانون الأول 2023 فقط، سجلت محافظة ذي قار أكثر من 40 ضحية ما بين وفاة وإصابات مختلفة بأكثر من حادث، فيما تجاوز الأمر بأن تسجل أيضا حادثا مروريا مروعا على قطيع كبير من الأبل راح فيه أكثر من 20 بعيرا.


موقف المرور


في العام 2021 عزت مديرية المرور العام ارتفاع الحوادث المرورية الى سببين، الأول يتعلق بالسائقين وهم يتحملون المسؤولية والآخر يتعلق بالطرق والشوارع ووجود التخسفات والمطبات وغياب الإنارة.


لكن المديرية قد أكدت في معرض بيانها بأنها تجري بشكل مستمر دورات تثقيفية حول كيفية استخدام الطرق عبر البرامج التلفزيونية والندوات.


تعاني محافظة ذي قار من رداءة واضحة في شبكة الطرق الداخلية والخارجية، إذ لا توجد إحصائية دقيقة عن حجم الطرق والشوارع غير المبلطة في المدن والريف، اذ لا تزال هناك طرق لم ترى النور حتى الان، ولا يزال الطرق اليها ترابيا، كما ان المواطنين يعانون عند موسم الامطار وفي الصيف تزداد نسبة الاتربة بسبب تلك الطرق.


قصة أم أحمد مثل مئات القصص التي تحصل بسبب الحوادث المرورية، إذ يروي علي وهو عامل توصيل في أحدى المطاعم كيف أنه كان يقود بسرعة بدراجته النارية قبل أن تعترض طريقه سيارة حكومية وضربته بقوة، وجد نفسه بعد ذلك في المستشفى وكان قد فقد الوعي لعدة ساعات.


إحصائية الحوادث


في العام 2018 سجلت محافظة ذي قار ما يقارب 847 حادثا مروريا، من بينها 253 حادث دهس، فيما سجلت في العام 2019 أكثر من 820 حادثا، و265 حادث دهس، أما في العام 2020 فقد بلغت الحوادث المرورية 575 حادثا، من بينها 159 حادث دهس، حيث تسبب بمصرع 255 وإصابة 1300 شخص.


في العام 2021، سجلت ذي قار 739 حادثا مروريا، فيما كانت حوادث الدهس 213 حادثا، أصيب فيها 613 شخصا فيما توفي 126 أخرين، وفي العام 2022، كانت الحوادث المرورية بذي قار قد بلغت 606 حادثا مروريا، فيما كانت حوادث الدهس 173 حادثا، توفي فيها 217 مواطنا فيما أصيب 683.


وكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت في العام 2021 بأن عدد ضحايا حوادث السير والمرور في البلاد للعام 2021 بلغ 4863 شخصا، مما يجعل العراق بصدارة الدول بالعالم بهذه الحوادث، وإضافة لهذه الحوادث، فإنه لم يجرِ تسجيل حوادث الدراجات النارية والستوتات فيما بينها والاستعراضات التي يقوم بها اصحاب تلك الدراجات وما تسببه من خسائر بشرية.


وعلى الرغم من ضعف الرقابة المرورية على الطرق العامة، فإن رجال المرور يتعرضون بشكل دائم الى الاعتداء وبالتجاوز في الطرق العام حينما يحاولون فرض القانون أو تطبيقه بحق المخالفين، وقد تم تسجيل أكثر من حالة إعتداء على بعض رجال المرور.


وبمرور الأيام، ينتظر ذوو السيدة أم أحمد قرب ردهة الطوارئ في المستشفى تماثلها للشفاء بعد أن مرت أيام على رقودها في المستشفى، حيث أخبرهم الطبيب بأن مشاكل كبيرة تحصل لديها خاصة وأن هناك إصابة بليغة في منطقة الرئة نتيجة الضربة القوية التي تلقتها أم أحمد.

8-05-2023, 08:55
العودة للخلف