الصفحة الرئيسية / "عين الجبل".. فردوس مختبئ يكسر حرارة الصيف القاسي في العراق

"عين الجبل".. فردوس مختبئ يكسر حرارة الصيف القاسي في العراق

محمد الزيدي


في أكثر صحارى العراق قساوة تبدو الواحات فجأة مثل السراب في عمق الحدود العراقية الإيرانية حيث لا شيء ينمو، تتدفق المياه الطبيعية منشقة من خاصرة سلسلة جبال زاكروس، مشهد تبدو فيه تلك الواحة "فردوس صغير" يجذب السياح والهاربين من لهيب الصيف الحارق. 


حكاية العين 


عين "الجبل" أو عين "الولاية" كلها مسميات تقود العوائل الواسطية نحو أقدم نبع ماء عرفوه، مياه عذبة تنساب من أعماق تجويف الحجارة القديمة لتنعش السياح. 


بينما يجلس علي الواسطي وسط خيمة صغيرة على مقربة من العين، ليرتاح قليلاً، قبل أن يمد يده تحت ماءها ليرطب جسده، يقول إن العوائل الواسطية "اعتادت الوصول إلى هذا المكان لقضاء أوقات ممتعة هرباً من زحام المدن وضجيج الحياة اليومية"، موضحا أن "عين الجبل باتت متنفساً طبيعياً يكثر زواره من سكنة المدينة وحتى المحافظات القريبة خلال فصل الصيف". 


وفي قضاء زرباطية أو "مدينة الذهب" كما يحلو لأهلها تسميتها تجتمع الوفود السياحية الواصلة من المحافظات المجاورة لقضاء رحلات تخييم في مناطق الشريط الحدودي، ومن هناك يتوافد السياح على "عين الجبل" للظفر بكمية بمياه باردة وغنية بالفيتامينات، وسط ما يتداوله العامة عن فوائد كبيرة لمياهها في معالجة أمراض الكلى والقولون والمعدة. 


"تتميز مياه عين الجبل بنقائها وبرودتها الدائمة، وهي بدأت تنعكس ايجابا حتى على اقتصاد المناطق القريبة منها لكثرة زائريها"، يقول السائح علي الواسطي لـ"ميل". 


وغير بعيد عن علي الواسطي يقف صديقه "جبار الغزي"، مستمتعاً ببرودة الماء وسرعة تدفقه، مشيراً بأنه "يأتي بشكل دوري من مكان سكنه لملء عبوات يجلبها بمياه طبيعية من أجل تجنب شرب مياه تُعالج باستخدام مواد كيميائية، أو مياه محطات التحويل والتصفية".


ويتابع قائلاً، "تشهد المناطق المحيطة بالعين سفرات جامعية وحملات تخييم ينفذها مجموعة من الشباب والسياح بشكل دوري وتتخللها برامج فلكورية وموسيقية". 


وتتميّز "عين الجبل" بموقع جغرافي فريد، مما يجعل المكوث فيها حصة استشفائية لابتعادها عن صخب وزحام المناطق المأهولة بالسكان، إضافة إلى مشهد الجبال الذي يمتد على طول الشريط الحدودي ما يضفي عليها نوعاً من الجمال والمتعة.


ووفقاً للغزي، فإن عين الجبل كان يصعب الوصول اليها في وقت سابق لكون المنطقة المحيطة بها كانت مسرحا للعمليات العسكرية قبل أن تمتد لها يد الإعمار والتطوير داعيا الحكومة المحلية الى "بذل المزيد من الجهد لانعاش العين وجعلها مكانا سياحيا، بعدما بدأت تشهد توافدا شبه يومي من قبل الأهالي مع بداية فصل الصيف". 


تطوير ولكن 


تضم محافظة واسط عدداً من المناطق والمجمعات السياحية كـــ"هور الشويجة" وهور "الدلمج" الذي يعدّ من المسطحات المائية الكبيرة، الذي يتميز بوجود أعداد كبيرة من الطيور المهاجرة والأسماك، وتتجاوز مساحته 120 ألف دونم، كما وتضم مدينة واسط القديمة الكثير من الآثار، فضلاً عن وجود غابات الكارضية التي تقصدها عشرات العوائل الواسطية لانبساط أرضها وقربها من مركز مدينة الكوت.


لكن بعض تلك المشاريع يواجه تطويرها مجموعة من المعوقات أهمها "وجود الألغام والمخلفات الحربية التي يشكل وجودها خطرا على حياة السياح"، حسب محافظ واسط محمد جميل المياحي الذي يقول لـ"ميل"، إن "استغلال مثل تلك الأماكن الترفيهية ظل محدوداً بسبب وقوعها في مناطق كثرت فيها الاصابات والحوادث بسبب المخلفات الحربية". 

 

ووفقاً للمياحي، فإن "الحكومة المحلية لم تدخر جهداً في انشاء وتطوير مختلف المشاريع التي من شأنها جعل واسط قبلة للزائرين متعهداً بتحويل عين الجيل إلى فرصة استثمارية بعد توفير الخدمات البلدية التي تحتاجها". 


وحرصاً من الحكومة المحلية على تسهيل وصول العوائل الى العين، فقد حرصت على تعبيد الطريق الرابط بينها وبين قضاء زرباطية ووضع العلامات الدالة على العين. 


من جهته يقول مدير سياحة واسط محمد حسين، إن "البرنامج الحكومي الذي أقره مجلس الوزراء عام 2019، كان يتضمن بناء مدن سياحية في مناطق الأهوار ومن بينها هور الدلمج، إلا أن اضطراب الوضع الأمني في وقتها حال دون اكتمال التعاون مع الشركة المصرية لإنشاء تلك المدن والنهوض بمتطلبات الساحة في محافظة واسط والمحافظات المجاورة". 





27-07-2023, 14:57
العودة للخلف