تسارع كيانات شبابية الخطى لدخول حقل المنافسة السياسية في انتخابات مجالس المحافظات المزمعة في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وجرت انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة عام 2013، وبعد دخول تنظيم "داعش" الإرهابي إلى عدة محافظات عراقية تعطلت الانتخابات المحلية، حتى الغيت بقرار من مجلس النواب عام 2019 بناءً على مطالب متظاهري تشرين.
وتزامن حديث السوداني، مع قرب انتهاء ولاية المفوضية الحالية، بعد أيام قليلة من يوم الاقتراع الخاصة بالانتخابات المحلية المقبلة، ما يثير جدلا سياسيا وقانونيا حول شرعيتها، يقابله تأكيد المفوضية على أن هذه المسألة لا تتعارض مع قدرتها على انجاز مهمتها.
ملتزمون ومستعدون
في وقت ترفض فيه قوى سياسية تمديد ولاية المفوضية الحالية، تقول المتحدثة باسم المفوضية جمانة غلاي لـ"ميل" إن "هناك دعما من الحكومة ورئاسة الجمهورية للعملية الديمقراطية وبالتالي فإن مفوضية الانتخابات ملتزمة في إجراء الانتخابات في موعدها المحدد".
وفيما تستبعد المسؤولة الحكومية، "تأجيل الانتخابات"، تشير إلى أن "المفوضية وضعت جدول العمليات وتوقيتات زمنية لكل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية انطلاقا من مرحلة تحديث سجل الناخبين ووصولا إلى يوم الاقتراع وما يليه من إجراءات وعمليات أخرى".
وعن عدد الأحزاب المسجلة لدى المفوضية، تقول الغلاي، "بلغ 281 حزباً فيما بلغ عدد الأحزاب قيد التسجيل 78 حزبا"، لافتة الى أن "عدد التحالفات بلغ 24 تحالفا منها 15 تحالفا جديدا وتسعة تحالفات قديمة ابدت الرغبة وحدثت الأحزاب التي بداخلها والدوائر التي تنوي النزول فيها".
ويستبعد محللون تأجيل موعد الانتخابات أو تغيير المفوضية في الوقت الحالي مؤكدين وجود سعي سياسي لاستبدالها بعد الانتخابات.
حيث يقول المحلل السياسي حسين الغزي، إنه "من الناحية العملية هناك اجماع على الإبقاء على المفوضية الحالية من أجل اكمال مهمها بسبب صعوبة اختيار البديل في الوقت الحالي".
وعبر الغزي عن خشيته من افضاء الانتخابات المقبلة، إلى "وضع سياسي غير محسوب بفعل دخول الأقطاب السياسية الصديقة في قوائم منفردة".
ويتكون مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات من 9 أعضاء، وهم من القضاة الذين يختارون من قبل مجلس القضاء الأعلى في العراق، من خلال قرعة تجرى بشكل علني، وهو إجراء جديد بدأ اتباعه في العراق، عقب تظاهرات 2019.
خشية القانون
في 26 آذار 2023، أقر المشرعون العراقيون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم 12 لسنة 2018، وسط خشية القوى السياسية الناشئة التي تعتقد أن هذه التعديلات يمكن أن تقوض فرص الأحزاب الصغيرة والمرشحين المستقلين في الفوز بمقاعد في انتخابات مستقبلية.
وتعكس التعديلات أيضا المواد الرئيسية التي تم تمريرها قبل الانتخابات الفيدرالية لعام 2021 وتعيد رسم الخرائط الانتخابية لإعادة العراق إلى دائرة انتخابية واحدة لكل محافظة، حسبما يقول النائب عن كتلة امتداد، علاء الركابي.
ويؤكد الركابي في حديث لـ"ميل"، أن "الأحزاب الصغيرة لن يكون لديها أي أمل بالحصول على تمثيل في البرلمان وأنها سوف تسحق بفعل هذا القانون".
وعلى عكس الركابي، يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، فراس المسلماوي، إن "كتلته تدعم القانون لأنه يعتمد على توزيع المقاعد لأي كتلة حسب ثقلها الجماهيري ما سيؤدي بالمحصلة إلى تشكيل الحكومة ضمن التوقيتات الدستورية".
وبشأن التحالفات السياسية، يضيف المسلماوي أنه "بعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات، وإعلان النتائج، ومعرفة عدد المقاعد التي حصلت عليها الكتل والاحزاب السياسية سيتم التحرك وإجراء حوارات لتشكيل التحالفات لانتخاب المحافظين، و تشكيل الحكومات المحلية".
ويجعل قانون الانتخابات المعدل الجديد من كل محافظة دائرة انتخابية واحدة أي 18 دائرة، ملغيا بذلك الـ83 دائرة التي اعتمدت في الانتخابات الأخيرة 2021.
وتتمتع مجالس المحافظات، التي أُنشئت بموجب دستور عام 2005 بسلطة مهمة نسبيًا وتتمتع بصلاحيات إدارية ومالية واسعة تتيح لها إدارة شؤونها وشؤون المحافظات وفق مبدأ اللامركزية.
وتتولى مجالس المحافظات المنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، كذلك يمتلكون صلاحيات الإقالة والتعيين وأيضاً إقرار خطة المشاريع وفقاً للموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية ببغداد.
المشاركة لضمان المعارضة
المطالبون بحل هذه المجالس في تشرين الأول 2019 تحولوا اليوم، إلى مشاركين في الانتخابات المقبلة، عبر تحالفات يرون فيها مشروعًا سياسيًا لبناء معارضة وطنية تنطلق من المحافظات حتى مجلس النواب.
يقول المتحدث باسم حركة نازل أخذ حقي الديمقراطية، زياد طارق في حديث لـ"ميل"، إن "الحركة مع ما يقارب 11 حزبًا وحراكًا سياسي انضوت تحت مظلة قوى التغيير ومن ثم دخلت في تحالف انتخابي أوسع مع كتلة وطن النيابية بهدف خضو الاستحقاق الانتخابي المقبل".
ولا يخفي طارق، طموح تحالفه لـ"منافسة الكتل السياسية التقليدية والحصول على عدد من مقاعد مجالس المحافظات"، مؤكدًا أن "تلك المقاعد ستكون بداية لانطلاق مشروع المعارضة الوطنية لبناء بديل وطني حقيقي".
وفي 15 آيار 2023، أعلن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، خلال زيارته إلى مقر المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، استنفار الحكومة والأجهزة الأمنية لمنع أي تلاعب أو تعامل خارج إطار القانون يؤثر في نتائج انتخابات مجالس المحافظات أو يعرقل عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.