عقارب الساعة التي أهداها الزعيم الألماني أدولف هتلر إلى ملك العراق "غازي" يوم توج ملكاً لا تعني لمالكها مقتني التحف والنوادر ضياء الخطيب مجرد آلة لحساب الوقت، بقدر ما تعبر عن العودة إلى الوراء، فالساعة تؤرخ لسنوات طويلة مضت وحقب مفصلية في تاريخ البلد.
جمع التحف والنفائس رحلة امتدت لستة عقود خلت، قضاها الخطيب ذو السبعين عاماً في شراء وجمع مختلف متعلقات المشاهير في مختلف دول العالم، وأكثر ما يشغل بال الرجل هو عرض مقتنياته في متحف خاص للحفاظ عليها من الضياع والاندثار.
نفائس متنوعة
أسرت هواية جمع النفائس القديمة قلب المسن ضياء الخطيب منذ أن كان طالباً في المرحلة الابتدائية، وشيئاً فشيئاً كبر شغفه حتى صارت نشاطا يأخذ كل وقته.
يقول الخطيب لـ"ميل"، "أحتفظ ببعض الاوسمة النحاسية الشخصية التي تعود لهتلر، والدراجة الهوائية التي كان يلهو بها ملك العراق (فيصل الأول) وبعض الهدايا الشخصية التي قُدمت للعائلة من الرؤساء والدول، والوسام النحاسي الذي منح للأمير غازي في العام 1924، وبعض الأوسمة النحاسية الشخصية التي تعود ملكيتها للزعيم الألماني هتلر"، لافتا إلى أن "الساعة اليدوية التي أهداها هتلر إلى ملك العراق غازي يوم تتويجه ملكاً، ثمينة لاتزال تعمل حتى يومنا هذا، إلى جانب هذا مسِجل للأغاني صنعته شركة أوديون الالمانية في العام 1880، وقد استطعت أن اقتني نسخة من هذا الجهاز خلال سفرتي إلى المانيا قبل أربعين عاما، وهو لايزال يعمل إلى الأن بشكل طبيعي".
ويتابع الخطيب حديثه لـ"ميل" قائلا، "أحتفظ بأبرز مقتنيات العائلة المالكة في العراق، كالألعاب الشخصية لفيصل الأول وبعض الهدايا التي حصلت عليها بشكل شخصي من بابا الفاتيكان".
ويضيف، "لا زلت أحتفظ ببعض مقتنيات المكتب الرسمي لملك العراق، كالختم الشخصي والأقلام التي كان يستخدمها، وهي تحف ثمينة مختلفة الأنواع والمناشئ، كما احتفظ بملايين الطوابع البريدية التي جمعتها أثناء سفري المتكرر إلى مختلف دول العالم، بعدما أصبحت عضواً في عدد من الجمعيات المهتمة بهذا الشأن".
وتربط الرجل المسن بمقتنياته الشخصية والمكان الذي وضعت فيه، علاقة خاصة تعبر عن شغفه بأصالة التراث وتوثيق التأريخ ، مكان أشبه ما يكون بمغارة كنز يمكن العثور بداخلها على أشياء تسرد لك حكايات الزمن الماضي بتجرد.
حلم منتظر
مع تزايد أعداد مقتنياته وتحفه، لم يكن أمام الخطيب خيار سوى السعي لإنشاء متحف يأمل أن يخلد اسمه بعد موته، بيد أنه يشكو الحكومات المتعاقبة والمهتمين لقيمة ما يحتفظ به من نفائس "لا يمكن بأي شكل من الاشكال تثمين ما بحوزتي من مقتنيات آثارية ، ولو كانت في مكان آخر لحظيت بتعامل مختلف وغير الذي أعيشه حالياً"، يقول الخطيب وهو ينشغل بترتيب بعضاً من تحفه.
وشارك هاوي جمع المقتنيات في أول معرض دولي في الكويت في العام 1962وافتتحه في حينها ملك الكويت عبد الله سالم الصباح، ولا يزال يحتفظ بتوقيعه الشخصي.
"انتقلت بعدها للمشاركة في معرض مماثل في المملكة المتحدة الذي أفتتح من قبل ملكة بريطانيا إليزابيث ثم معرض في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والمانيا والفاتيكان والصين واليابان والكويت والجزائر وتونس وسلطنة عمان وبيروت ومصر"، يضيف قائلاً.
تضامن شعبي
مقتنيات المشاهير التي يحتفظ بها الخطيب التي تجعلك تسافر عبر الزمن من دون تذكرة، يجدها رئيس مجلس واسط للثقافة والفنون حسن علي مرواح "تحف فنية ووثائق مهمة يجب حمايتها من الاندثار"، داعيا الحكومة المحلية إلى" الآخذ بيد الخطيب وتحقيق حلمه في افتتاح معرض شخصي لمقتنياته".
ووفقا لما يقوله مرواح في حديث لـ"ميل"، فإن الخطيب الذي اكتسب مع مرور الزمن دراية واسعة في هذا القطاع، كان تلقى عروضاً عدة لبيع مقتنياته لكن رفض العروض، معتقداً أن "من الانصاف أن تتبنى الحكومة المحلية حماية ما يكنز من التلف والضياع، في معرض سيكون قبلة لزوار المحافظة".
وليس بعيداً عما يقوله رئيس مجلس واسط للثقافة والفنون، يثني الأديب حميد الزاملي على الجهود التي بذلها الخطيب في حماية الإرث الثقافي، واصفاً ما بحوزته من مقتنيات ثمينة بأنهار"مسيرة عراقية تمتد لعقود خلت".
الزاملي يقول لـ"ميل"، إن "الخطيب يريد من خلال تمكينه من افتتاح متحفه الشخصي قبل وفاته إيصال رسالته بضرورة المحافظة على التراث لما يمثل من سجل لحركة الزمن".
وتتنوع مقتنيات الرجل الشغوف، ففيها عدد غير قليل من الهدايا والتحف الفنية النادرة، وبعض المقتنيات والصور الشخصية للملوك والأمراء في العالم، ومخطوطات وحلي وهدايا تعود الى زمن بعيد تغلفها ذكريات الأمس، جميعها يضعها الخطيب في صناديق خاصة.