بينما يقبع الطفل موسى ولاء ذو السبعة أعوام في القبر بعد نهاية مروعة، تواجه قاتلته زوجة الأب حكماً بالسجن 15 عاماً، فهل هذا الثمن كافٍ مقابل جريمة هزت الرأي العام العراقي والعربي لفداحتها واعتراف مقترفتها صراحة و بـ"أعصاب باردة" كما وصفت؟
فور صدور الحكم على المدانة "عذراء الجنابي" زاهقة روح الطفل "موسى"، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بردود فعل متباينة حول طبيعة العقوبة، ثمة من يعدها "مخففة" وآخرون يرون أنها تستحق "الإعدام"، في حين يذهب آخرون إلى أن مطرقة القضاء هي التي تحسم الأمر وفق النصوص القانونية المعتمدة.
رأي عام غاضب
يقول مسلم السراي في تعليق على "فيسبوك" تابعه "ميل"، "إذا القاتلة 15 سنة، الأب يجوز افراج هذ الشيء اعتبره تشجيع للجريمة".
ويرى رأي آخر أن "الضرب ادى الى الموت وبدون قصد لهذا لم تحكم بالإعدام"، معتبرا أن "السجن يعني اكل ونوم وربما يحل يوم وتخرج بعفو عام".
أما حيدر الموسوي كتب ما نصه: "المادة 410 من قانون العقوبات تنص على أن من اعتدى عمدا على آخر بالضرب أو الجرح أو بالعنف أو بإعطاء مادة ضارة أو بارتكاب أي فعل آخر مخالف للقانون يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على 15 عاما"، مبيناً أن "قرار محكمة جنايات الكرخ الذي صدر اليوم بحق قاتلة الطفل موسى ليس عادلا وسيمكن من زيادة الجريمة".
"سلطة خطيرة"
يقول القاضي السابق والخبير القانوني وائل عبد اللطيف في حديث لـ"ميل"، إن "السلطة التقديرية الممنوحة إلى القضاء خطيرة جداً خصوصا وهي تمنح قضاة التحقيق ومحكمة الجنح والجنايات وبإمكان القاضي فيها إصدار حكم مؤبد أو عشرة أعوام أو حبس أسبوع أو إفراج بتعهد شخصي".
وفي قضية مشابهة يلفت عبد اللطيف بالقول، "حصلت حادثة في منطقة الحي بالبصرة حيث تزوج رجل من امرأة ثانية وانجبت له طفلا، الزوجة الأولى قامت بإحراق الطفل وأمه وهربت وألقي القبض عليها في بغداد وحكمت بالإعدام شنقا حتى الموت على وجه السرعة".
وتساءل عبد اللطيف، "هذا الطفل ما ذنبه ولماذا قتل؟"، مشيرا إلى أن "هذه القاتلة تحمل كمية كبيرة من الحقد والأنانية".
ويوضح عبد اللطيف، أن "الحكم طالما كان أولياً من الجنايات، يفترض تمييزه أمام محكمة التمييز التي سنرى هل تقبل بهذا الحكم أم تقوم بتشديده، وبعدها يمكن الطعن بتصحيح القرار التمييزي حتى الوصول إلى آخر مرحلة من مراحل القضاء".
ويؤكد عبد اللطيف، "ضرورة وجود مدعٍ بالحق الشخصي يتابع معه محام يعرف هذه الأمور والخطوات تماما".
ويشدد عبد اللطيف بالقول، "طالما حصلت جريمة يعني تحقق القتل بكل أركانه، وبالتالي بقي الأمر منوط بالسلطة التقديرية لمحكمة الجنايات التي أصدرت حكمها البالغ 15 عاماً للمدانة"، لافتا إلى أن "أهل الطفل يمكنهم الطعن بالحكم إذا وجوده خفيفاً ويحولون القضية للتشديد وإذا لم تستجب محكمة التمييز يطعنون فيه مرة ثانية في تصحيح القرار التمييزي وحينها يؤخذ الرأي النهائي".
وكانت جريمة قتل الطفل موسى ولاء (7 سنوات) في شهر حزيران المنصرم، فجرت حالة غضب واسعة بين العراقيين والعالم العربي، خاصة بعد عرض صور جثته وهي ممددة على الأرض بعد تعذيبه حتى الموت وتجمع الحشرات عليها.
ونشرت مديرية مكافحة إجرام بغداد، مقطع فيديو يوثق اعترافات مروعة للقاتلة، قالت فيها إنها ضربت الطفل موسى ضربة قوية على جانب رأسه الأيمن وسقط بعدها على الأرض.
كما أقرت باستخدامها الملح والطعن بالسكين وآلة خشبية والكي بالنار في تعذيبه، وذلك على مدار أيام، ونفت أن يكون أحد آخر شاركها في عملية التعذيب.