علاء كولي
على وقع ازمة السكن وصعوبة بناء المنازل، يتسابق أهالي ذي قار على مجمعات سكنية يعلن عنها بوتيرة متسارعة، لكن مع بطئ إنجازها ما الحل؟ وهل من إجراءات تحمي حقوقهم؟
يشكل بناء المجمعات السكنية، واحدة من أبرز المعالم العمرانية التي أتسعت بمحافظة ذي قار خلال السنوات القليلة الماضية والتي كانت بمثابة حلول جديدة تسعى من خلالها الحكومات المحلية لمواجهة أزمة السكن في المحافظة.
تلك المجمعات تتنوع من حيث المساحة والبناء والأسعار، وتبدو حلا مناسبا لاستيعاب الزيادة السكانية في ذي قار التي كان عدد سكانها عام 2003 يناهز الـ900 الف نسمة، لكنه وفق آخر احصائيات تقديرية في عام 2018 قفز متجاوزا الـ2 مليون نسمة.
مجمعات ترتفع
ازدادت الحركة العمرانية ذي قار، ويعد مجمع "تينا" من أوائل المجمعات التي تم بناءها لأساتذة جامعة ذي قار رغم تلكؤه، فيما سبقه مجمع "مدينة الصدر"، فيما توجد مجمعات أخرى، إذ يوجد قرب مستشفى الناصرية التعليمي كل من مجمع "الفرات" ويضم 200 وحدة سكنية بفئتين ومواصفات بناء عالية ومجمع "الأطباء" الذي تم افتتاحه العام الماضي لكن لم يحقق أي تقدم بالعمل.
وعلى طريق مطار الناصرية باتجاه مدينة أور الأثرية، يوجد 12 مجمعا سكنيا، متفاوتة نسب الإنجاز حيث تتراوح ما بين 6% الى 70%، وفيها مجمعات كل من مجمع "الراشد" الأول والثاني ومجمع "المصطفى" ومجمع "القضاة" ومجمع "الهادي" ومجمع "الشروق" الأول والثاني ومجمع "الكفاءات" ومجمع "امباير" ومجمع "مدينة الإمام الرضا" ومجمع موظفي دائرة الخزينة.
شركات متلكئة
يقول الكاتب والمتابع للشأن المحلي عدنان عزيز لـ "ميل"، إن "هناك 7 مجمعات سكنية اكتملت بنسبة 100% في المحافظة، وفي العام الجاري سيتم تسليم 5 مجمعات أخرى، لكن لا توجد حماية للمستثمر الجاد في العمل ولا توجد رقابة أو عقوبة للمستثمر المتلكئ".
اما مروة الجنابي وهي مواطنة قدمت على وحدة سكنية في أحد المجمعات في الناصرية تقول لـ"ميل"، إن المشكلة تكمن في قوانين الاستثمار والمستفيد الوحيد هو المستثمر"، موضحة أن "الدولة تعطي الأرض للمستثمر مجانا وتعطي قرضا للمواطن قد يصل ببعض الاحيان الى 150 مليون دينار والنتيجة أن المواطن راتبه مرهون والدولة خسرت اراضي ولم تحصل شيء والمستثمر حصل على مليارات".
وتضيف الجنابي، أن "الكثير من المواطنين الذين سجلوا على المجمعات السكنية يعانون من مشاكل مع المستثمر حول مواعيد الانجاز وعدم قدرته على العمل واكمال ما تبقى من وحدات سكنية على الرغم من تسلمه دفعات من الاموال".
من جهته يؤكد المواطن أحمد الساعدي وهو من ضمن المواطنين الذين سجلوا من أجل الحصول على وحدة سكنية في أحد المجمعات في الناصرية ضمن شريحة موظفي احدى الدوائر، "قبل عام تقريبا تعاقدنا مع المستثمر، لكن حتى الان لم تباشر الشركة بالعمل وترفض اعادة الاموال التي اخذتها لقاء توقيع العقد، كما أن المستثمر لا أحد يعرف أين هو".
مشاريع بلا أهداف
يؤكد عضو لجنة الخدمات النيابية النائب عن محافظة ذي قار، داود العيدان أن المجمعات السكنية في كل العراق هي "مشاريع فاشلة ليس فيها نسبة استدامة".
ويضيف العيدان لـ"ميل"، "في الناصرية هناك الكثير من المشاريع المتلكئة والمجمعات هي عبارة عن نصب واحتيال على المواطن"، لافتا إلى أن "لجنة الخدمات النيابية قدمت مخاطبات وتم استضافة أكثر من مسؤول على إنشاء المجمعات وعلى الرخص الاستثمارية، لكن دون جدوى".
ويزيد العيدان بالقول، إن "مشروع المجمع يتم بيعه لأكثر من مقاول وعادة الشركات التي دخلت بهذا المجال هي شركات مفلسة تحاول تعويض خسائرها من خلال تلك المجمعات، وشخصيا أبلغت هيئة الاستثمار بإيقاف إعطاء الفرص الاستثمارية للمجمعات، كما أن الهيئة سحبت 52 فرصة استثمارية وهذا الملف يشوبه الفساد وأكثر من مجمع تم تحويله الى القضاء".
رخص مسحوبة
يقول رئيس هيئة استثمار ذي قار علي الدخيلي لـ"ميل"، "في ذي قار هناك أكثر من 75 مجمعا سكنيا 25% منها متلكئ وتم سحب 15 إجازة والبقية تم توجيه أنذر لها وأخرى عادت للعمل، وحاليا الأمور تسير بالاتجاه الصحيح".
ويضيف الدخيلي، أن "سحب العمل لا يكون مباشرة، فهناك انذار أول وإنذار ثاني ومن ثم غرامات مالية وبعدها سحب الرخصة ومن يعود للعمل تعاد اليه الرخصة ومن يستمر بالتلكؤ نسحبها بالكامل ويتم الاعلان من جديد كفرصة استثمارية جديدة".
وفي تموز الماضي، وجهت هيئة الاستثمار في ذي قار تعليمات الى الشركات الاستثمارية التي تعمل على بناء المجمعات السكنية تشترط فيها على المستثمر عدم استحصال أي مبالغ مالية من المواطنين قبل الشروع بالعمل، ولا يجوز استلام أي مبالغ الا بعد أن يصل نسبة الانجاز الى 25%.
وكان رئيس الوزراء محمد الشياع السوداني أكد في حزيران 2023، أن مشكلة السكن في العراق "مزمنة" وشهدت تعثراً منذ ثمانينيات القرن الماضي وهنالك أخطاء رافقت محاولات حل أزمة السكن عبر منح قطع أراض بمناطق غير مخدومة.