كشفت محكمة النزاهة في ديالى عن تزايد حالات التلاعب والتزوير والمخالفات القانونيَّة في عمليات إقراض المواطنين، وفيما أوضحت الآليات التي تقوم بها شركات ومتلاعبون لغرض اصطياد ضحاياهم، أكدت أن هذه الجرائم مركبة تبدأ بالاحتيال والتزوير إلى الإضرار بالمال العام.
وقال قاضي تحقيق النزاهة في ديالى محمد عباس، إن "هناك شركات تقوم باستغلال المستمسكات المقدمة من قبل الضحايا والأبرياء وجعلهم مقترضين في قروض وكفلاء في قروض أخرى، حيث تقوم بتزوير تواقيع وبصمات هؤلاء المقترضين على انهم هم من قاموا بترويج المعاملات واستلام مبالغ القروض".
وأضاف القاضي أن "هذه العملية غالباً ما تتم عن طريق وجود اتفاق مسبق بين أصحاب الشركات وموظفي المصارف المانحة للقروض ودوائر الكفلاء"، لافتا إلى أن "هناك شكلا من أشكال النصب يحدث عندما يقوم صاحب الشركة بإيهام المقترض بوجود قروض تمنح لهم كسلف ومبلغها قد يكون مليونا أو مليوني دينار".
ويشرح أن "سذاجة المقترض تدفعه للتوقيع على كافة أوليات المعاملة من الوصولات والكمبيالات وإشعار المصرف دون قراءة المضمون أو أنه يجهل القراءة، وبعد استلام المبلغ (مليون دينار) يفاجئ بعد مدة عندما يبدأ بالتسديد أن القرض ليس مليونا واحدا وإنما عشرة أو خمسة وعشرون مليونا أو أكثر، ما يعني أن الشركة قد احتالت عليه وسلمت له مليون دينار واستولت على باقي مبلغ القرض".
وأوضح عباس أن "المقترضين غالبا ما يتم اخذ بصماتهم وتواقيعهم على مستندات فارغة خالية من البيانات حتى تسمح لصاحب الشركة التلاعب كما يريد كأن يزيد مبلغ القرض أو يغير المعلومات، وكذلك يتم إيهام الكفلاء من خلال اخذ تواقيعهم وبصماتهم على أنه كفيل (لشخص ما) في بداية الأمر واخذ تواقيعه وبصماته على مستندات فارغة بحجة السرعة وملئها ولكن يتضح لاحقاً انه قد تكفل شخصا آخر، ولجهل (المقترض او الكفيل) يقوم صاحب الشركة بايهام المقترض بانه سيمنح له قرضا ويقوم بإخذ تواقيعه وبصماته على المعاملة ويضع من ضمنها كفالات ووصولات على اعتبارها مطلوبة ويتبين فيما بعد انه استغله وجعله كفيلاً لشخص آخر دون ان يعرف ذلك، وبالعكس يأخذ تواقيع وبصمات الكفيل على انه كفيل وفي ما بعد يجعله مقترضا ويستلم قرضا باسمه دون علمه".
وفي ما يخص القروض الزراعية وطريقة التلاعب بها، يكشف القاضي أن "المتلاعبين يقومون بتزوير العقود الزراعية وذلك من خلال جعل أشخاص على أنهم يملكون عقدا زراعيا أو أرضا زراعية لتسهيل عملية استلام القروض، لأن القروض الزراعية تتطلب امتلاك المزارع (المقترض) أرضا زراعية أو عقد إيجار".
وتابع "تقوم الشركات بأخذ تواقيع وبصمات المقترض على أن يتم منحه قرضا زراعيا واحدا مثلاً ويوافق على ذلك لكن الأخير لا يعرف ماهية وآلية وكيفية ترويج المعاملة لذا يتركها على عاتق الشركة فيأتي صاحب الشركة بأخذ تواقيع المقترض أو الكفيل على أوراق أو مستندات من كفالات وتعهدات كثيرة اكثر مما تتطلب في المعاملة الواحدة وفي ما بعد يستغل هذه المستندات لأكثر من معاملة ويستلم المقترض مبلغ معاملة واحدة وفي ما بعد يظهر بأنه قد منح له قروض عدد (4) او (6) ودون علم او موافقة المقترض بهذا العدد حيث انها جرت من خلال استغلال واخذ تواقيع على عدد كفالات وتعهدات وطلبات".
ويلفت عباس أيضا إلى "لجوء النصابين دائما إلى حيل ومقالب ذكية تجعلهم يكسبون الثقة والطمأنينة من قبل ضحاياهم للتوصل إلى مبتغاهم في تحقيق أهدافهم المادية والمعنوية إذ يقومون ببناء علاقات طيبة مع ضحاياهم كأن يكونون اهل منطقة واحدة او تربطهم صلة قرابة إضافة الى نشر العديد من الاعلانات لاستقطاب ضحاياهم".
وعن الموقف القانوني لهذا النوع من الجرائم أشار إلى أنها "جرائم مركبة فهي جريمة احتيال وأخرى جريمة اختلاس وجريمة تزوير وإضرار بالمال العام"، مبيناً أن "الوصف القانوني مثلا لموظفي المصارف وحيث كونهم موظفين منهم تنطبق عليهم احكام المادة (340 قانون العقوبات / من كونهم سببوا ضرراً عمدي او هدر بالمال العام وتارة تنطبق عليهم الوصف القانوني وفق احكام المادة ( 316 ق.ع او 315 ق .ع) من كونهم موظفي في المصارف وهم جهة ايداع المبالغ لديهم وتم اختلاسها من قبلهم مستغلين منصبهم في المصارف".
أما في ما يخص التوصيف القانوني لأصحاب الشركات المحتاليــن فقد أوضح عباس أن "هناك من ينطبق عليهم احكام المــــادة (456 عقوبات) لاحتيالهم على الاشخاص الذين تم منحهم القروض من اي مصرف".
ويشير عباس الى ان "هناك حالات تدفع القضاء الى تكييف المادة القانونية في الحالات التي تنطبق عليها الوصف القانوني وفق احكام المادة (289 عقوبات) من حيث قيامهم بتزوير اوليات المعاملات الخاصة بالقروض من قبل المحتالين مما يؤدي الى قيام المقترضين او الكفلاء بانكار تواقيعهم وبصماتهم على اوليات المعاملات امام القضاء كونهم يجهلون كيفية اخذ تواقيعهم وبصماتهم خاصة لسنوات قديمة منذ بدء صرف القروض عام 2009 وصعوداً وهـم اغلبهم (كبيري السن) او الأشخاص الساذجين هنا يتم تكييف هذا الفعل وفق أحكام المادة (243 عقوبات) عن جريمة تضليل القضاء، كونه عند إقدامهم بالشكوى امام القضاء ويأتي دور القضاء بأخذ الإجراءات القانونية التي تأخذ فترة طويلة من الزمن وانشغال المحكمة بهذه القضايا وبتالي تكون نتيجة المضاهاة لتواقيعهم وبصماتهم مطابقة لبصماتهم الحقيقية مما قد يفتح قضية بحقهم على جريمة (تضليل القضاء)".