في خضم الأزمات الصحية العالمية المتتالية، يبرز "جدري القردة" كتهديد صحي جديد على الساحة العالمية، بعد ظهور حالات في مناطق مختلفة من العالم.
ويتساءل الكثيرون عن مدى استعداد العراق لمواجهة هذا الفيروس، خاصة في ظل الظروف الصحية والاجتماعية المعقدة التي يمر بها البلد؟، الأمر الذي يستوجب استعراض وضع جدري القردة العالمي وتقييم المخاطر المتوقعة للعراق، والتدابير المتخذة والتحديات التي قد تواجهها البلاد.
ما هو جدري القردة؟
جدري القردة هو مرض نادر يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية، ويُعرف أيضاً بفيروس الجدري، ويُصاب الإنسان بالمرض من خلال ملامسة مباشرة للفيروس، سواء من خلال الاتصال الجسدي مع شخص مصاب أو من خلال التعامل مع الحيوانات المصابة، والأعراض تتضمن حمى وآلام عضلية، وطفح جلدي قد يكون مؤلماً.
الوضع العالمي
في السنوات الأخيرة، شهد العالم زيادة ملحوظة في حالات جدري القردة، خاصة في الدول التي كانت نادرة الإصابة بهذا المرض. بينما تركزت الحالات بشكل أساسي في مناطق غرب ووسط إفريقيا، شهدت دول أخرى في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة حالات إصابة نادرة ولكن ملحوظة، ويعكس الانتشار العالمي تحديات جديدة في التصدي للفيروس، ويضع ضغوطاً على الأنظمة الصحية المختلفة حول العالم، خاصة بعد تسلله إلى أوروبا واستراليا وأسيا.
العراق والخطر المتوقع
العراق، بحسب مختصين يواجه تحديات صحية متعددة، قد يكون عرضة لمخاطر جدري القردة لأسباب عدة، منها القدرات الصحية المحدودة، حيث تواجه المنظومة الصحية في العراق تحديات كبيرة تتعلق بالتمويل والبنية التحتية وتوافر الموارد الطبية، وهذه العوامل قد تعيق قدرة النظام الصحي على الاستجابة السريعة والفعالة لأي تفشي محتمل.
ويؤكد المختصون، أن العراق بحاجة لتعزيز المراقبة البيئية والحيوانية للحد من فرص انتقال الفيروس من الحيوانات إلى البشر، والتعامل مع الحيوانات البرية في بعض المناطق قد يعرض السكان لخطر الإصابة.
كما أن النزاعات والصراعات السياسية المستمرة قد تؤثر على فعالية جهود الصحة العامة، بما في ذلك حملات التوعية والتطعيم.
التدابير المتخذة
يتخذ العراق خطوات احترازية لمواجهة خطر جدري القردة. تشمل تقييم الوضع الصحي، حيث تعمل وزارة الصحة على متابعة الوضع العالمي والإقليمي عن كثب وتقييم المخاطر المحتملة بناءً على البيانات المتاحة.
كما تجري السلطات الصحية تدريبات للكوادر الطبية وتعمل على توعية الجمهور بأعراض المرض وسبل الوقاية منه.
وتم تم تعزيز عمليات المراقبة في النقاط الحدودية والأسواق الحيوانية لتقليل احتمالات دخول الفيروس إلى البلاد.
وقال المتحدث باسم الوزارة سيف البدر في تصريح صحفي، "لم يتم تسجيل أي حالة بجدري القردة لغاية الان"، مؤكدا "استعداد الوزارة لتشخيص والتعامل مع أي حالة وبائية بشكل عام".
وأضاف البدر، أن "وزارة الصحة العراقية تتابع مع منظمة الصحة العالمية التطورات والمستجدات كافة بشأن هذا المرض".
تحديات جمة ونصائح
في حالة تفشي جدري القردة، سيواجه العراق عدة تحديات، تتطلب ضرورة تحسين الاستجابة الفورية والتعامل مع الحالات الطارئة بكفاءة.
وينصح مختصون بالاستثمار في تطوير المنشآت الصحية وتوفير الموارد الضرورية لمواجهة الأزمات الصحية، إلى جانب تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والخبراء لتحسين الاستجابة العالمية والمحلية.
وفي ظل الأزمات الصحية المتزايدة، يشكل "جدري القردة" تهديداً حقيقياً يتطلب استعداداً وتعاوناً دولياً ومحلياً.
وللعراق دور كبير في تعزيز استجابته لمثل هذه الأزمات، من خلال تحسين البنية التحتية الصحية، وتعزيز المراقبة والوقاية، وبناء شراكات دولية فعالة، فضلا عن التحرك السريع والفعال الذي يساعد في تقليل المخاطر وحماية الصحة العامة في البلاد.