تأمل صباحاً هادئاً يتناغم مع تغريد البلابل، ذات الريش ذو الألوان المتباينة بين الأسود والرمادي والنغمات العذبة، حيث تتقافز بين الأغصان محولة كل شجرة إلى آلة موسيقية طبيعية.
هذه الطيور الرقيقة تواجه أخطاراً غير مسبوقة، من فقدان موائلها الطبيعية بسبب التصحر والتوسع العمراني، إلى التلوث البيئي الذي يؤثر على صحتها وصولا إلى الصيد الجائر بهدف بيعها وتناقلها كسلع تعرض في أقفاص صغيرة.
ويقول مربي الطيور كامل عبد الله في حديث لـ"ميل"، إن "البلابل طالما كانت رمزاً للتنوع البيولوجي وجمال الطبيعة في العراق، وهي تواجه الآن تحديات قد تغير معالم عالمها"، لافتا إلى أن "أعدادها تتناقص بشكل مقلق".
ويؤكد عبد الله، أن "حماية البلابل والحفاظ عليها بات أكثر إلحاحاً، لعلنا نعيد إحياء نغمتها التي بدأت تتلاشى".
الإنقراض وارد
السبب الرئيس لتناقص أعداد البلابل في العراق، هو فقدان الموائل الطبيعية والتوسع العمراني، بالإضافة إلى التصحر الناتج عن تغيرات المناخ والممارسات الزراعية غير المستدامة، هذا يقول ميلاد سالم المختص في مجال الطبيعة.
سالم يضيف في حديثه لـ"ميل"، أن "التلوث البيئي الناتج عن الأنشطة الصناعية وزيادة استخدام المبيدات يؤثر مباشر على صحة البلابل، حيث أن الهواء والمياه الملوثة تسبب مشاكل صحية لدى الطيور وتقلل من الغذاء المناسب لها".
ويلفت إلى إنه "بالرغم من القوانين التي تحظر الصيد غير المشروع للطيور، لا يزال هناك أشخاص يمارسون صيد البلابل لأغراض تجارية أو ترفيهية، مما يساهم في تقليص أعدادها".
جهود للحفاظ على البلابل
أطلقت العديد من المنظمات البيئية المحلية والدولية مشاريع لحماية الموائل الطبيعية للبلابل، تشمل إعادة تأهيل الغابات وإنشاء محميات طبيعية، وزيادة الوعي حول أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي.
وفق ذلك ينصح المختصون بـ"التعاون مع المجتمع المحلي عبر تبني مبادرات لتعريف الناس بأهمية البلابل ودورها في النظام البيئي، وذلك عبر حملات توعية وورش عمل تفاعلية".
وهناك أيضا البحث العلمي، حيث تعمل المؤسسات الأكاديمية والعلماء على دراسة البلابل بشكل أعمق لفهم عاداتها ومتطلباتها البيئية بشكل أفضل، بغية تطوير استراتيجيات فعالة للحفاظ على أعدادها.
وبينما تواجه طيور البلابل في العراق تحديات كبيرة تهدد بقاءها، فإن تكثيف جهود الحماية والتوعية ربما تقدم بارقة أمل، مع أهمية دعم المشاريع البيئية وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية، الأمر الذي قد يتيح تعزيز أعداد البلابل واستمرارها في الغناء في سماء العراق، كرمز للأمل والجمال الطبيعي.