كتب.. اشرف كريم
في دبي، لا تعقد القمم على ورق، بل تُرسم في الهواء. وهناك، حيث لا تهدأ رئة الإعلام العربي، رفعت “قمة الإعلام العربي” صوتها مجددًا، ليس في نشرة الأخبار، بل في وجدان من يحلم بصوت وصورة وهوية.
لم تكن الدورة الرابعة والثلاثون مجرد محطة، بل كانت فاصلة، كأنها أرادت أن تقول إن الإعلام العربي لا يزال يتنفس رغم كل الضجيج. لم تعد الذكاء الاصطناعي مجرد فقرة في نشرة المستقبل، بل صار مشاركاً حقيقياً في غرفة التحرير، لا يكتب الخبر فقط، بل يختار متى وأين يظهر.
طيلة يومين، تساءلت دبي نيابة عن الجميع: إلى أين تمضي الصحافة؟ فجاء الرد بأرقام تُشبه المدن حين تُحصي نوافذها. 300 متحدث من خلفيات إعلامية وفكرية متعددة، فتحوا قاعات الفكر لا ليعظوا، بل ليستمعوا أيضاً.
175 جلسة حوارية رئيسة تنقلت بين صحافة البيانات، وتحولات المحتوى الرقمي، وحتى الإعلام الحربي، كأنها تغوص في أرشيف المستقبل.
أما الأرقام التي تشبه زهوَ النخيل، فكان منها 235 ورشة عمل، منحت للصحفيين تمارينًا تطبيقية لا على الكلام، بل على أدوات الذكاء الاصطناعي، وتحرير الفيديو، وتطوير القصص البصرية.
خمسة اتفاقيات وُقّعت على هامش القمة، كلها تهدف إلى تكنولوجيا إعلامية لا تستنسخ الغرب، بل تصنع واقعاً عربيًا نابعًا من الميدان.
6000 ضيف وصحفي اجتمعوا تحت قباب الإعلام، أما الميدان الحقيقي، فكان تفاعل 8000 إعلامي عربي وصانع محتوى، رسموا بخبراتهم خارطة طريق جديدة.
ولأن الصوت العربي لا يكتمل دون صدى، حضر أكثر من 150 صحفيًا وإعلاميًا أجنبيًا، لا ليتفرجوا، بل ليسألوا: من يقود التجربة هذه المرة؟
في القاعات، لم يكن ثمة مقاعد خالية، ولا أوراق مرمية، بل عيون تقرأ، وآذان تستمع، وعقول تُدرك أن المعركة القادمة ليست بالرصاص، بل بالراوي.
هكذا، وفي مدينة تطل على المدى بعين لا تنام، اختارت القمة أن يكون مستقبل الإعلام العربي لا يُكتب خارج حدوده، بل يُصنع بيده، وتُروى حكاياته بأحرفه.
فهل كانت قمة إعلامية؟ ربما، لكنها كانت أكثر من ذلك: كانت اختبارًا للهوية، وللرسالة، ولقدرة العربي على أن يكون… لا مجرد ناقل، بل صانع شاشة وصوت وحقيقة