بغداد- ميل
تشير تقديرات دراسة جديدة لمنظمة الصحة العالمية إلى وفاة ما يقارب 15 مليون شخص نتيجة لوباء "كوفيد-19" في عامي 2020 و2021، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف ما تم الإبلاغ عنه سابقا.
وقال الباحثون إن جائحة "كوفيد-19" تسببت في وفاة 4.5 مليون أكثر مما كان متوقعا في عام 2020، و10.4 مليون في عام 2021، وفقا للتقرير الذي نُشر على الإنترنت في 14 ديسمبر في مجلة Nature.
وبالمقارنة، كانت أمراض القلب السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم في عام 2019 مع ما يقارب 9 ملايين حالة وفاة.
وخلص مؤلفو الدراسة إلى أنه بناء على هذه الأرقام "نتوقع أن يكون كوفيد-19 من بين الأسباب الرئيسية للوفاة في عام 2020 والسبب الرئيسي للوفاة في عام 2021".
وقال الباحثون إن الهند وحدها مسؤولة عن 4.7 مليون حالة وفاة خلال فترة العامين، ما يجعلها الدولة الأكثر تضررا خلال الوباء.
وأشار كبير الباحثين جوناثان ويكفيلد، أستاذ الإحصاء الحيوي بجامعة واشنطن في سياتل، إلى أن أكثر من ثلث جميع الوفيات المرتبطة بـ"كوفيد-19"، حدثت في جنوب شرق آسيا، مع ما يقارب 6 ملايين حالة وفاة إضافية، و"كان ذلك في الأساس بسبب الهند".
وأضاف ويكفيلد: "كان هناك تفشي مدمر في الهند عام 2021، وبالتالي كان هناك عدد كبير من الوفيات الزائدة".
وقال ويكفيلد إن الأمريكتين والمنطقة الأوروبية عانتا من ثاني أكبر عدد وفيات بسبب الأوبئة بعد جنوب شرق آسيا، حيث سجلت كل منها نحو 3.2 مليون حالة وفاة زائدة.
وأظهرت النتائج أن أربع من كل خمس وفيات زائدة عن طريق فيروس كورونا خلال هذين العامين حدثت إما في جنوب شرق آسيا أو الأمريكتين أو أوروبا.
وكانت معرفة عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم أثناء الوباء تحديا مستمرا للمسؤولين والباحثين.
وأوضح ويكفيلد والدكتور آرون جلات، رئيس قسم الأمراض المعدية في Mount Sinai South Nassau في مدينة نيويورك، أن اختبارات "كوفيد-19" لم تكن متاحة في وقت مبكر من الوباء، ولم تتمكن بعض أجزاء العالم من الوصول الكامل إلى الاختبارات المناسبة.
وتابع جلات: "مات الناس دون تشخيص نهائي لكوفيد-19، حتى لو كان ذلك مشتبها فيه".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن دقة سجلات الوفيات تتفاوت بشكل كبير بين البلدان، وقد أصبحت هذه الدقة أسوأ مع ضغط "كوفيد-19" على الأنظمة الصحية إلى نقطة الانهيار، على حد قول ويكفيلد.
ولإنشاء تقدير أكثر تفصيلا لعدد الوفيات الناجمة عن الوباء، قام الباحثون بفحص الزيادة العالمية في الوفيات الناجمة عن وباء "كوفيد-19" - "عدد الوفيات التي حدثت مطروحا منه ما كان متوقعا لو لم يحدث الوباء".
وأنشأ الفريق نموذجا حاسوبيا معقدا لحساب عدد الوفيات التي كان من الممكن توقعها لو لم يحدث الوباء، بالإضافة إلى حساب أكثر دقة للوفيات المرتبطة بـ"كوفيد-19" التي حدثت.
وخلص تحليلهم إلى أن "كوفيد-19" كان مسؤولا عن نحو 14.8 مليون حالة وفاة زائدة على مستوى العالم في عامي 2020 و2021.
وفي السابق، تم الإبلاغ عن 5.4 مليون حالة وفاة بسبب "كوفيد-19" خلال أسوأ عامين من الوباء.
وقدر الباحثون أن 0.06% من الوفيات أكثر مما كان متوقعا حدثت في عام 2020 بسبب "كوفيد-19"، وتضاعف هذا المعدل إلى 0.13% في عام 2021.
ولاحظ مؤلفو الدراسة أن هذه النسب المئوية لا تبدو مرتفعة إلى هذا الحد، لكنها تفوق معدلات الوفيات الزائدة الموثقة لأوبئة الإنفلونزا في أعوام 1957 و1968 و2009 (المقدرة بـ 0.04% و0.03% و0.005% على التوالي).
ومن ناحية أخرى، كانت جائحة إنفلونزا عام 1918 "أعلى بكثير، حيث يقدر معدل الوفيات الزائدة بنسبة 1% للفرد، أو 75 مليون حالة وفاة زائدة على مستوى العالم عند تعديلها لتناسب عام 2020"، حسبما أفاد الباحثون.
كيف نفرق بين "كوفيد-19" والفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا في ظل تهديد "الوباء الثلاثي"؟
وأشار جلات إلى أن وفيات "كوفيد-19"، التي تم الإبلاغ عنها رسميا في الولايات المتحدة لم تكن بعيدة عن تقديرات الوفيات الزائدة التي حسبها الباحثون.
وتابع جلات: "كانت لدينا قدرات اختبار أفضل، ليس في البداية ولكن في النهاية، وكنا نختبر كل مريض جاء إلى المستشفى بحثا عن كوفيد-19. أعتقد أن أرقام الولايات المتحدة ربما تكون أكثر دقة بكثير من الأرقام الواردة من الدول الأخرى".
وتعد بيرو المثال المتطرف، حيث يقدر الباحثون أنها تحملت ضعف عدد الوفيات المرتبطة بـ"كوفيد-19" مما أبلغت عنه.
وأظهرت نتائج الدراسة أن الإكوادور وبوليفيا قللت بشكل كبير من عدد الوفيات بسبب "كوفيد-19"، مع حدوث نحو 50% من الوفيات الزائدة في تلك البلدان عما تم الإبلاغ عنه في البداية.
وقال ويكفيلد: "لقد شهدت كل من بيرو والإكوادور وبوليفيا تفشي المرض بشكل مدمر حقا".
وخلص إلى أن هذه التقديرات تظهر أن الدول في جميع أنحاء العالم بحاجة إلى القيام بعمل أفضل لتتبع أسباب الوفاة، لا سيما في حالة الوباء.