بغداد- ميل
نشر بطريرك الكنيسة الكلدانية، الكاردينال لويس روفائيل ساكو، اليوم الأحد، مقالاً تحت عنوان "تجاوزات على المسيحيين العراقيين وإقصاء متعمّد"، تناول فيه ما وصفه بـ "هموم" هذه الطائفة والتي آلت إلى هجرة الأغلب منهم إلى خارج العراق.
وقال ساكو في مقاله الذي تابعه "ميل" إن "المسيحيين يعيشون حالة من الإحباط بسبب قوانين الأحوال الشخصية المُجحِفة"، مشيراً إلى أنه في سهل نينوى فقط، تغادر شهرياً 20 عائلة مسيحية، نتيجة الفوضى الطاغية والتشرذم والمحسوبيات التي خلقتها الميليشيات الطائفية".
وتالياً نص المقال":
تجاوزات على المسيحيين العراقيين وإقصاء متعمّد
أوَد أن أتقاسم معكم بعض هموم المسيحيين الذين هاجر أكثر من نصفهم، والباقون على قائمة (الاحتياط، stand by) بسبب عدم الاستقرار وغياب تكافؤ الفرص وعدالة القانون، من دون الأخذ بنظر الاعتبار أنهم أهل البلاد الأصليون وشركاء في الوطن!
مسرح اللامعقول
بين حين وآخر يخرج سياسي مسيحي ليعلن بشكل لا يُصدَّق ان الحشد الهي؟ رغم ان المرجعية الشيعية الرشيدة نفسها لم تستخدم هكذا وصف.. كما يستعمل صوراً للعذراء مريم وللسيد المسيح وصلباناً في مسيرات وكأننا في حرب صليبية. استعمال الرموز الدينية في غير محلها ووقتها يُعَد تدنيساً لها!
خرج قبل فترة نائب مسيحي على قناة العهد يقول أن: “الشيخ الخزعلي طبَّق تعاليم المسيح وأخلاق المسيح …” مع كل احترامي لسماحة الشيخ الخزعلي… هذا الوصف يتقاطع مع الآداب العامة. فالشيخ الجليل مسلم شيعي، يطبق الشريعة الإسلامية وليس التعليم المسيحي؟ لا أفهم لماذا تُقحَم الديانات في السياسة وتشوَّه؟ هذه الأقنعة يجب ان تُرفَع!
المسيحيون يعيشون حالة من الإحباط بسبب قوانين الأحوال الشخصية المُجحِفة: كأسلمة القاصرين، وأسلمة أشخاص اُكرهوا على الإسلام من قبل القاعدة أو تنظيم داعش تحت التهديد بالقتل. سعيتُ شخصياً لاعادتهم الى ديانتهم المسيحية تلبية لطلبهم، لكن من دون جدوى بحجة الرَدّة.. هذه ليست بِرَدّة، و انما إكراه علني، ذلك ان اختيار دين ما يتم عن قناعة وحرية وليس عن إكراه!
حالات موجعة
ثمة قانون بموجبه يُعوَّض موظف مسيحي (بعد تركه للوظيفة بسبب التقاعد أو الهجرة…) بمسيحي آخر، لكن هذا لم يُنفَّذ، بسبب الطائفية والرشوة والاستحواذ على الوظائف… أذكر على سبيل المثال لا الحصر، أن في إحدى الحالات وقَّع الوزير على طلب توظيف 5 شباب مسيحيين، إلا ان المدير المسؤول رفض التنفيذ وطلب مبلغاً كبيراً (رشوة)!
قيل إن كلية الشرطة قبلت 3000 طلب للانخراط في الشرطة، لا يوجد بينهم مسيحي واحد، في حين كنتُ قد قدَّمتُ عشرة أسماء.
جاءني قبل اسبوعين مسيحي يحمل شهادة دكتوراه وهو مدير في احدى الوزارات، وقال انهم يحاربونه حتى يتخلى عن منصبه ليستولي عليها غيره! وعُيِّنَ شخصٌ آخر بدرجة لواء في احدى السفارات، تؤهله لهذه المهمة، لكن بعد اسبوع، تعين مكانه آخر.. وسيدة معروفة ومحترمة ومهنية، نالت مدح رؤسائها، تمت محاولة اقصائها، لكنها بقيت لأنها دافعت عن حقها بقوة…
قبل أيام قدَّمت رئيسة هيئة الاستثمار استقالتها، وهي بشهادة العديدين إنسانة مخلصة ونزيهة لوظيفتها وللعراق… وبعد استقالتها بدأت حملة التشكيك بصحة شهادتها وتشويه سمعتها… والقائمة طويلة. هذه التصرفات اللأخلاقية ستبقى في الذاكرة إلَّم تُعالج.
في سهل نينوى كثُرَت هموم المسيحيين حتى انهم اخذوا يهاجرون، إذ قيل لي انهم يغادرون الى خارج العراق بوتيرة 20 عائلة شهرياً، وذلك بسبب الفوضى الطاغية والتشرذم والمحسوبيات التي خلقتها الميليشيات الطائفية!
كيف يمكن لمسيحي او مسلم مؤمن بالله أن يقترف مثل هذا التعدِّيات؟
من يحمي هؤلاء المسيحيين المسالمين الموالين لوطنهم، اذا الدولة لا تحميهم؟ هذه انتهاكات موجعة، ولها تداعيات على سمعة العراق؟
وبكل ألم أقول: اذا لا ترغبون في بقائنا مواطنين متساوين في بلدنا العراق، فقولوا لنا صراحةً، لندبِّر الأمر قبل فوات الأوان".