كشف باحثون في جامعة غوتنبرغ عن آلية جديدة ومثيرة للقلق يستخدمها فيروس الإنفلونزا من النوع "أ" للتحايل على جهاز المناعة البشري.
وتوضح الدراسة كيف يختطف الفيروس أحد البروتينات المسؤولة عن تنظيم الجينات ويحوله إلى سلاح ضد الجسم.
ويتمكن الفيروس من إعادة توجيه بروتين AGO2 الذي يلعب دورا أساسيا في نظام "تداخل الحمض النووي الريبي" (RNAi) من خارج النواة إلى داخلها. وبمجرد دخوله النواة، يعمل هذا البروتين على إسكات الجينات المسؤولة عن إنتاج الإنترفيرونات من النوع الأول، وهي جزيئات إنذار حيوية تنبه الخلايا المجاورة لوجود عدوى وتقوي دفاعات الجسم.
وتصف البروفيسورة عائشة سارشاد، إحدى كبار مؤلفي الدراسة، هذا الاكتشاف بأنه "مفاجئ للغاية"، حيث أن الفيروس استهدف نظاما أساسيا ومنظما بدقة في الخلية، وحتى أنه نجح في توظيفه في مكان غير معتاد له (داخل النواة).
وتمت معظم التجارب المعملية بواسطة الباحث هسيانغ-تشي هوانغ الذي أظهر كيف يتبع البروتين AGO2 مثبط الورم p53 إلى داخل النواة لتعطيل جينات الإنذار المناعي.
وفي تطور واعد، اختبر الباحثون عقار "أكسيد الزرنيخ الثلاثي" (ATO) - المعتمد أصلا لعلاج نوع من سرطانات الدم - ووجدوا أنه يعزز إنتاج الإنترفيرونات ويقلل من كمية الفيروس في رئتي الفئران المصابة.
وهذا الاكتشاف يفتح الباب أمام إمكانية تطوير علاجات مضادة للفيروسات تعتمد على تعديل نظام "تداخل الحمض النووي الريبي" الذاتي في الجسم، وهو ما قد يكون فعالا ليس فقط ضد الإنفلونزا ولكن أيضا ضد فيروسات الحمض النووي الريبوزي الأخرى.
وتخطط البروفيسورة سارشاد وفريقها لمواصلة الأبحاث لمعرفة ما إذا كانت هذه الآلية موجودة في أنواع أخرى من العدوى. وهذا الاكتشاف قد يمهد الطريق لنوع جديد تماما من العلاجات المضادة للفيروسات، لا تستهدف الفيروس نفسه فحسب، بل أيضا كيفية استغلاله لخلايا الجسم.
ويذكر أن هذه الدراسة تمثل تقدما مهما في فهم التفاعلات المعقدة بين الفيروسات والجسم البشري، وتسلط الضوء على إمكانية إعادة توظيف الأدوية الموجودة لمكافحة الأمراض المعدية بطرق مبتكرة. ومع ذلك، يحذر الباحثون من أن فعالية هذا العلاج في البشر ما زالت بحاجة إلى تأكيد من خلال مزيد من الدراسات السريرية.