أعلن الجيش الأمريكي شراء 30 طنا من السكر البودرة في شهر أكتوبر الحالي، لكن المفاجأة أن هذه الكمية الضخمة من السكر ليست مخصصة للمطابخ العسكرية أو لصناعة الحلويات، بل لاستخدامها في تصنيع القنابل الدخانية التي تعتمد عليها القوات المسلحة في عملياتها الميدانية والتدريبية.
الجيش الأمريكي، الذي يستهلك شهريا نحو 25 طنا من المواد الغذائية لتغذية كتائب بحجم متوسط، أوضح أن الهدف من الصفقة ليس تلبية احتياجات غذائية، وإنما جزء من تطوير مستمر في صناعة القنابل الدخانية، المعروفة باسم M18 وM83 وM8 Smoke Pot، والتي تُستخدم لتحديد مناطق الإنزال والإخلاء، وتغطية تحركات القوات، أو محاكاة أجواء المعارك في التدريبات.
اللافت أن استخدام السكر في هذه القنابل ليس بالأمر الجديد، إذ بدأ الجيش الأمريكي الاعتماد على السكر البودرة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كبديل للمواد الكيميائية والأصباغ الضارة.
وكان هذا التحول جزءا من جهود تقليل المخاطر الصحية التي قد تنجم عن استنشاق الأدخنة أو ملامسة المواد الكيميائية القديمة للجلد، إذ كانت القنابل التقليدية تعتمد على وقود كبريتي لتسخين الأصباغ وتبخيرها، ما تسبب أحيانا في تهيج الجلد والجهاز التنفسي لدى الجنود.
السكر البودرة المستخدم في هذه القنابل يأتي بدرجات مختلفة من النعومة، يرمز إليها بالأرقام 5X و10X و12X، وكلما زادت الدقة، أصبح الدخان الناتج أكثر كثافة وانتشارا. ووفقا لطلب الجيش، يتم توريد السكر في أكياس تزن 50 رطلا، ليُخلط لاحقا مع نترات البوتاسيوم، وهي مادة مؤكسدة رئيسية في البارود، لتنتج تفاعلا كيميائيا يولد دخانا كثيفا غير سام، دون حدوث أي انفجار.
وتُقدَّر قيمة الصفقة بنحو 130 ألف دولار أمريكي، إذا ما احتُسبت الأسعار التجارية العادية للسكر في الأسواق الأمريكية. ومع أن المبلغ يبدو مرتفعاً لشراء مادة غذائية، فإنه يُعد جزءا بسيطا من ميزانية ضخمة تخصصها وزارة الدفاع الأمريكية لتطوير الوسائل التدريبية والعملياتية الآمنة.
ويؤكد خبراء الدفاع أن هذا النوع من الابتكارات يعكس التوجه المتزايد لدى القوات المسلحة الأمريكية نحو استخدام مواد صديقة للبيئة وأقل ضررا بأفراده، حتى في المجالات العسكرية، وهو ما يمثل تحولا مهما في فلسفة تجهيز الجيوش الحديثة.