أثارت تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، والتي امتدح بها الجيش العراقي وأعتبره "القوة الأمنية الأقوى والأهم" في العراق، الكثير من الأسئلة حول ما يقصده تحديدا كونها رسالة جاءت من دون مناسبة أو أي حدث معين يتعلق بالجيش العراقي.
وقال الصدر في تغريدة مطولة نشرها على حسابه في موقع "تويتر"، وإطلع عليها "ميل": "بعد أن استعاد جيش العراق هيبته في استرجاع ماباعه الفاسدون بأفعالهم الرعناء، وبعد أن استطاعوا فرض قوتهم وإرجاع سمعتهم كما عهدناهم (...) فهم اليوم القوة الأمنية الأقوى والأهم في عراقنا الحبيب".
وأضاف: "حسب فهمي وثقتي بهم، فهم القادرون على حماية العراق من الداخل والخارج، وخصوصا بعد اضمحلال التدخلات الخارجية والداخلية في عملهم، ولا سيما نحن مقبلون على عملية ديمقراطية انتخابية، سيدلون من خلالها بأصواتهم بشفافية بلا ضغوط سياسية، كما وأنهم ملزمون بحماية المراكز الانتخابية وصناديق الاقتراع من الحرق والفساد والتصرفات الصبيانية وغيرها".
ووفق تقديرات ومعطيات سابقة وحالية يمكن القول إن زعيم التيار الصدري أراد إيصال ست رسائل سياسية وأمنية:
الأولى: هدفها التذكير بدور رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي – وهو الند الأبرز له- في سقوط الموصل وانهيار الجيش العراقي العام 2014 وذلك بالعبارة التي تصدرت التغريدة وهي" بعد أن استعاد جيش العراق هيبته في استرجاع ما باعه الفاسدون بأفعالهم الرعناء"
الثانية: لـ"الحشد الشعبي" وداعميه في تحالف "الفتح" خصوصا مع إعلان الموافقة على إضافة المفسوخة عقودهم في الحشد وعددهم 30 ألف وهي خطوة كانت كتلة الصدر في البرلمان (سائرون) قد اعترضتها أيام تمرير الموازنة الاتحادية العامة (آذار الماضي)، وهذا القصد يكمن تحديدا في عبارته "الجيش هو الأقوى والأهم" وهي على ما يبدو رداً على حديث سيطر يوم أمس على منصات التواصل الاجتماعي بأن الحشد أصبح القوة الأكبر بسبب وصول تعداده إلى 200 ألف.
الثالثة: رسالة لأفراد الجيش العراقي بهدف كسبهم بالاقتراع الخاص، وذلك لعلمه بذهاب أغلب أصوات الحشد إلى منافسيه المباشرين (الفتح)، التذكير بعملية تصويت الجيش و"الضغوطات السياسية" القصد منها أيضا توجيه إتهام ضمني لخصومه خصوصا المالكي بالعمل سابقا على استغلال وتجيير هذا الاقتراع المخصص لقوات الأمن والعاملين في قطاع الصحة ونزلاء السجون.
الرابعة: لقطع الطريق من الآن أمام أي مقترح لإشراك "الحشد الشعبي" في حماية مراكز الاقتراع في حال حصول أحداث معينة، دعوة الصدر للجيش للقيام بهذه المهمة، تشكل وسيلة ضغط مبكرة وتعكس كما هو واضح خشيته من وجود الحشد في هذا العملية الأمنية الخاصة بالانتخابات المقررة في العاشر من تشرين الأول.
الخامسة: لإطلاق البراءة مبكرا، من أي أفعال تخريب قد تشهدها الانتخابات المرتقبة خصوصا في حال تكررت أحداث حرق صناديق الاقتراع والتي حصلت في انتخابات 2018 وجرى وقتها إتهام أتباع الصدر بالوقوف وراءها، الصدر يتوقع زيادة فرص حصول مثل تلك الأحداث مقارنة بالانتخابات السابقة، وذلك بعد تهديد ناشطين بمهاجمة مراكز اقتراع والسعي لضرب الانتخابات بطريقة تشبه عمليات الحرق التي استهدفت مؤسسات الدولة أيام التظاهرات التي بلغت ذروتها في تشرين الأول العام 2019.
السادسة: وهي موجهة إلى الخارج، حيث يستهدف الصدر الإعلان عن نفسه كونه طرفاً متقدما في دعم الجيش العراقي والسعي لدمج وتذويب الحشد الشعبي وهي نقطة تسعى من أجلها أطراف دولية معروفة ومؤثرة في المشهد السياسي العراقي.