مرّة جديدة، تتّجه أنظار العالم نحو الدوحة، التي باتت وجهة ثابتة للبطولات الرياضية العالمية، مع إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" رسميًا اعتماد قطر لاستضافة مباريات كأس الأميركيتين، كأس التحدي، ونهائي كأس "إنتركونتيننتال"، ضمن بطولة كأس القارات للأندية 2025، في نسخة تُعدّ الثانية على التوالي التي تحتضنها دولة عربية.
هذا القرار لم يكن مفاجئًا للمراقبين، فاستضافة قطر الناجحة لبطولة كأس العالم 2022، التي وصفت بأنها من بين الأروع تنظيميًا في تاريخ "المونديال"، وضعت البلاد في موقع متقدّم على صعيد الجاهزية، والخبرة، والبنية التحتية المتطوّرة. ولا يخفى أيضًا، أن نسخة العام الماضي من بطولة كأس "إنتركونتيننتال"، والتي أقيمت أيضًا في قطر وشهدت تتويج "ريال مدريد" الإسباني، أثبتت قدرة الدوحة على إدارة البطولات الكبرى بسلاسة واحترافية عالية.
بطولة كأس القارات للأندية 2025 ستشهد مشاركة نخبة من أبطال القارات، يتقدّمهم "باريس سان جيرمان" الفرنسي بطل أوروبا، إلى جانب "الأهلي" السعودي بطل آسيا، و"بيراميدز" المصري بطل إفريقيا، و"أوكلاند سيتي" النيوزيلندي بطل أوقيانوسيا، و"كروز أزول" المكسيكي بطل الكونكاكاف، إضافة إلى بطل أميركا الجنوبية المنتظر تحديده قريبًا.
وستكون البداية بمواجهة فاصلة تجمع "بيراميدز" المصري و"أوكلاند سيتي" يوم 14 أيلول على استاد الدفاع الجوي بالقاهرة، يليها لقاء "الأهلي" السعودي مع المتأهل من تلك المباراة يوم 23 أيلول في جدة، فيما تُقام المرحلة الحاسمة من البطولة بنظام التجمع في العاصمة القطرية الدوحة، خلال الفترة من 10 إلى 17 كانون الأول.
وفي هذا الإطار، تحتضن الدوحة مباراة "كروز أزول" أمام بطل أميركا الجنوبية يوم 10 كانون الأول على أن يتأهل الفائز لمواجهة منتصر لقاء "الأهلي" السعودي والمتأهل من "بيراميدز" و"أوكلاند سيتي" يوم 13 كانون الأول نفسه، بينما تُختتم البطولة بالمباراة النهائية المنتظرة يوم 17 من الشهر ذاته، والتي تجمع "سان جيرمان" بالفائز من الأدوار السابقة، لتحديد بطل القارات للأندية.
هذه البطولات تأتي بالتزامن مع استضافة قطر لبطولة كأس العرب للمنتخبات خلال كانون الأول أيضًا، ما يعكس حجم الزخم الرياضي الذي تشهده الدوحة، والقدرة التنظيمية العالية التي تسمح بإدارة عدة بطولات دولية في فترة زمنية واحدة، وهو أمر لا تستطيع الكثير من الدول مجاراته بسهولة.
ورغم أن قرار "فيفا" بمنح قطر هذه الاستضافات مجددًا ليس محصورًا في عامل الجغرافيا، إلا أنه يعكس تقديرًا دوليًا لاستمرارية قطر في تقديم تجربة تنظيمية متكاملة، تستند إلى ملاعب عالمية، بنى تحتية متطوّرة، وتسهيلات لوجستية تلائم الأحداث الرياضية الكبرى، إضافة إلى البيئة الآمنة والمستقرة التي توفرها للرياضيين والجماهير على حد سواء.
تبدو قطر اليوم أكثر من مجرّد محطة رياضية مؤقتة، بل لاعب أساسي في صناعة البطولات الكبرى، وهي تُثبت مع كل حدث جديد أنها ليست فقط جاهزة على المستوى الفني والتنظيمي، بل تملك رؤية واضحة لتكريس موقعها في قلب الخارطة الرياضية العالمية، حيث تجتمع التقاليد، الحداثة، وشغف الرياضة في تجربة استثنائية لا تتكرّر كثيرًا.