بغداد- ميل
تشتهر نيبال بأنها تقع على طول الجبال المغطاة بالثلوج في جبال الهيمالايا. ولكن، على الرغم من مناظرها الطبيعية المذهلة، فإنها في الواقع هذ أكثر دول العالم تلوثا.
ويتعرض المقيمون في هذه الدولة غير الساحلية في جنوب آسيا لـ 99.73 ميكروغرام لكل متر مكعب من الجسيمات الدقيقة (PM2.5)، في المتوسط، على مدار العام، وفقا لمنصة Our World in Data التابعة لجامعة أكسفورد.
ووصف الخبراء الرقم الذي يزيد بنحو 20 مرة عن الحدود التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية البالغة 5 ميكروغرام / م 3، بأنه "ينذر بالخطر".
وللمقارنة، بلغت المستويات في المملكة المتحدة 10.47 ميكروغرام / متر مكعب، بينما سجلت الولايات المتحدة 7.41 ميكروغرام / متر مكعب.
وتشير الجسيمات الدقيقة PM2.5 إلى جزيئات صغيرة يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر. ويمكن أن تتضمن الجسيمات الغبار والسخام والمعادن والمواد الكيميائية الأخرى. ويرتبط هذا التلوث بحرق الوقود الأحفوري وينطلق من محركات ومصانع السيارات.
ونظرا لأن الجسيمات صغيرة جدا، فإنها تشكل خطرا كبيرا على الصحة، حيث يمكن استنشاقها بعمق في الرئتين. وتظهر مجموعة كبيرة من الأدلة أن التعرض طويل الأمد يزيد من خطر الإصابة بأمراض خطيرة والوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
وبالإضافة إلى إلحاق الضرر بالقلب والرئتين، تؤثر ملوثات الهواء أيضا على الدماغ، حيث تربط الدراسات بين التعرض لخطر الإصابة بالخرف والتدهور المعرفي.
وتنص منظمة الصحة العالمية على أن المتوسط السنوي لتركيزات PM2.5 يجب ألا يتجاوز 5 ميكروغرام / م 3.
واستندت بيانات جودة الهواء إلى المعلومات التي تم جمعها في عام 2017 وركزت فقط على مستويات جسيمات PM2.5، في 195 دولة.
وبعد نيبال، كان لدى النيجر (94.05 ميكروغرام / متر مكعب) وقطر (91.19 ميكروغرام / متر مكعب) أعلى تركيز لجسيمات PM2.5.
وقال الخبراء إن التركيزات العالية في شمال إفريقيا "عالية جدا"، ويرجع ذلك جزئيا إلى "الظروف الجافة مع المزيد من مصادر الرمال والغبار".
وكانت الهند أيضا ضمن الدول الخمس الأولى من حيث الافتقار إلى جودة هواء، حيث تعرض عدد سكانها البالغ 1.4 مليار نسمة إلى 90.87 ميكروغرام / متر مكعب من PM2.5، تليها المملكة العربية السعودية، حيث تم تسجيل 87.95 ميكروغرام / متر مكعب.
وباستثناء قطر، زادت مستويات PM2.5 في كل من البلدان الخمسة الأولى منذ عام 1990 - ما يشير إلى أن الجهود المبذولة لتحسين مستويات التلوث لم تنجح في بعض الدول.
وسجلت نيبال أكبر قفزة في مستويات PM2.5، حيث ارتفع الرقم بمقدار 12.13 ميكروغرام / م 3. وهذه القفزة هي أكثر من ضعف متوسط التعرض السنوي لـ PM2.5 في فنلندا.
وكانت مصر (87 ميكروغرام / متر مكعب) والكاميرون (72.79 ميكروغرام / متر مكعب) ونيجيريا (71.80 ميكروغرام / متر مكعب) والبحرين (70.82 ميكروغرام / متر مكعب) وتشاد (66.03 ميكروغرام / متر مكعب) من بين الدول ذات نوعية الهواء الأكثر فقرا.
وقال الدكتور راج تيواري، الأستاذ المساعد في علوم بيانات تغير المناخ في جامعة هيرتفوردشاير: "دول مثل نيبال (جنوب آسيا) والنيجر (إفريقيا) وقطر (الشرق الأوسط) تحتل المرتبة الأولى في جسيمات PM2.5، مع تعرض لأكثر من 90 - وهو أمر مقلق للغاية".
وفي الطرف المقابل، سجلت فنلندا أدنى معدل تعرض سنوي لجسيمات PM2.5 (5.86 ميكروغرام / متر مكعب). ومع ذلك، ما يزال هذا الرقم أعلى من مستويات السلامة لمنظمة الصحة العالمية.
وتبعتها بروناي والتي تعرضت لـ 5.9 ميكروغرام / متر مكعب فقط. كما سجلت كل من نيوزيلندا (5.96 ميكروغرام / متر مكعب) والسويد (6.18 ميكروغرام / متر مكعب) وكندا (6.43 ميكروغرام / متر مكعب) وأيسلندا (6.48 ميكروغرام / متر مكعب) مستويات منخفضة من ملوثات الهواء.
وعلى الرغم من تسجيل نيبال أسوأ مستويات PM2.5، إلا أن أوزبكستان هي التي سجلت أعلى معدل وفيات بسبب تلوث الهواء الخارجي في عام 2019.
وقد أبلغت هذه الدولة الواقعة في آسيا الوسطى والتي يقطنها 20.5 مليون شخص، عن 179 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص، أي أكثر من ضعف معدل الوفيات البالغ 81 في عام 1990.
تليها مصر، حيث بلغ معدل الوفيات 161، وقطر (133).
وقال الدكتور تيواري: "المزيد من التحليل لمعدلات الوفيات من تلوث الهواء الخارجي هو أمر مثير للاهتمام حقا، لأنه يوضح كيف يرتبط تلوث الهواء ارتباطا وثيقا باقتصاد البلدان".
ويرجع ذلك إلى أن الدول الأفقر تميل إلى أن يكون لديها قوانين أضعف حول تلوث الهواء، ومعايير أقل لانبعاثات المركبات، وأعداد أكبر من محطات توليد الطاقة بالفحم، وفقا للأمم المتحدة.
ويعد التلوث من أكبر المشكلات الصحية في العالم، حيث خلف 6.67 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم في عام 2019، ما يجعله ثالث أكبر قاتل، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
واحتل ارتفاع ضغط الدم (10.85 مليون) المرتبة الأولى في قائمة أكبر سبب للوفاة في العالم في عام 2019، تلاه التدخين (7.69 مليون)، وفقا لدراسة بعنوان العبء العالمي للأمراض نُشرت في The Lancet.