علق الأستاذ الزائر في الدراسات الدفاعية بكينغز كوليج في لندن على مقتل زعيم مجموعة فاغنر للمرتزقة، يفغيني بريغوجين، قائلا إن زعيم المرتزقة ذهب لكننا نعيش في عصر جيوش المرتزقة، فيما ربط الامر بالوجود الأمريكي في العراق.
وقال كوليج في مقال افتتاحي أوردته صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية، عندما قام بريغوجين وديمتري أوتكين بإنشاء المجموعة واختارا لها اسم الموسيقار الألماني من القرن التاسع عشر فاغنر، لم يكونا يتوقعان نهايتهما في طائرة خاصة تهوي نحو الأرض، وتكون مثل أوبيراته المشحونة.
لكن مجموعة فاغنر ليست الاسم الذي سيعيش بعدهما، بل ويمثل نموذجا من نشاطات المرتزقة التي أصبحت جذابة لمن يعتقدون أنهم يستطيعون الاستفادة من الفوضى وعدم الاستقرار الدولي.
وفاغنر هي العلامة التجارية الأكثر شهرة حيث أصبحت خصخصة الجيوش ونقل مهام الأمن القومي للمقاولين أمرا عاديا، بحسب الكاتب.
ويواصل الكاتب، مهنة الارتزاق من الحروب قديمة جدا، ومذكورة في العهد القديم، وظل اليونانيون المحبون للحرب وعلى مدى عدة قرون من أكثر المرتزقة انشغالا في العالم القديم. وعندما قاد الكسندر العظيم جنوده ضد الفرس في سنة 334 قبل الميلاد، شارك مع الفرس 1.000 مرتزق يوناني، وكان بابوات القرون الوسطى حريصين على المرتزقة، وخدمت الفرقة السويسرية كجماعة مرتزقة شرسة قبل أن تتولى مهمة حراسة البابا.
وعلى مدى التاريخ كانت غالبية القوى المقاتلة هي أيد مستأجرة. وتغير كل هذا مع ظهور الدولة الحديثة، حيث همش المرتزقة كأداة في الحروب القومية وحرموا من الدور الذي يجعلهم مهمين استراتيجيا. وظل الأمر على حاله حتى قبل 20 عاما، وعندما انتهت الحرب الباردة، بدأت القوى الغربية بخصخصة جيوشها والاستعانة بمصادر خارجية (المقاولون الأمنيون) لخدمة الأمن، ومعها بدأت صورة المرتزقة الدولية بالظهور من جديد.
وبات استئجار المرتزقة أرخص وأكثر فاعلية، علاوة على التعامل مع خدمات الدعم المعقدة التي تحتاجها العمليات العسكرية. ونتيجة لذلك ظهر نظام جديدة من المرتزقة، أثار مخاوف الحكومة. وبدأ بالمتعهدين الأمنيين، أو الشركات التي تقدم خدمات الأسلحة في محاور الحرب، وتقدم الطعام وتدير النقل والخدمات المساعدة والتدريب المحلي.
وفي الحرب العالمية الثانية، كانت نسبة المتعهدين في محاور الحرب الأمريكية لا تتجاوز 10%. ولكنها أصبحت في ذروة غزو العراق عام 2003 50% و70% في أفغانستان من عام 2008.
ويتحول هؤلاء بسهولة إلى قوات مدنية، وفي العراق وأفغانستان كانت نسبة 15% من القوات الأمريكية هي مرتزقة مسلحة، وكلفت بالحراسة والأعمال الأمنية المتعلقة بعملها، وهي مهام كان على القوات الأمريكية القيام بها. وتكبد المتعهدون الأمنيون في ذروة حرب أفغانستان والعراق خسائر أكثر من الجنود الأمريكيين، لكن الخسارة هي مشكلة للشركة وليس للحكومة، يقول الكتاب في صحيفة "صنداي تايمز".