حذر مدير مركز الصحة النفسية البروفيسور غيل زلتسمان، المتخصص في «تحديات الصحة النفسية في أعقاب الحرب» في إسرائيل، إن حادثة إطلاق جندي إسرائيلي الرصاص على رفاقه بعد استيقاظه من كابوس، وغيرها من مظاهر الخضات النفسية التي تصيب الجنود، تحتاج إلى علاج جذري قد يستغرق سنوات طويلة.
ولفت إلى أن المدنيين أيضاً مروا بصدمات منذ بدء هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أو بعد العمليات الحربية التي أعقبته، وأن عيادات الطب النفسي في إسرائيل تعمل على مدار الساعة في استقبال «مصابين».
وأعاد زلتسمان الظاهرة إلى المعاناة الهائلة حيال تلك الأحداث. وقال: «بحسب الدراسات العلمية التي تناولت آثار الكوارث الإنسانية، فإن 11 في المائة من النساء و6 في المائة من الرجال يعانون من ظاهرة ما بعد الصدمة (بوست تروما). والكوابيس هي واحدة من عوارض هذه الإصابة. وهي تحتاج إلى علاج مهني عميق».
وتابع زلتسمان، في مقال نشره بصحيفة «هآرتس»: «نحن في عائلة الطب النفسي نواجه نواقص شديدة في عملنا المهني. لقد استثمرت دولة إسرائيل كثيراً من الجهد والمال لتطوير منظومة (القبة الحديدية)، وبناء جدار إلكتروني متطور في شتى مناطق الحدود وأسلحة متطورة لكي نحمي المواطن، وقد حان الوقت لأن نستثمر في موضوع العلاج النفسي». وتابع: «عبرنا كارثة قومية هائلة، يفوق ضحاياها 20 مرة عدد ضحايا التفجير في نيويورك».
ولفت إلى أنه عندما يبدأ الجنود الإسرائيليون بالعودة من جبهة القتال «سنواجه تسونامي الصدمات النفسية»، مشدداً على ضرورة أن «نكون جاهزين لتقديم العلاج بطواقم عاملة وأدوات علاجية متطورة وملائمة».
صدمات فلسطينية
تجدر الإشارة إلى أن العاملين في الصحة النفسية الفلسطينية يشكون هم أيضاً من نواقص شديدة في الأدوات والموارد العلاجية؛ فالصدمات النفسية هناك هائلة، حيث فقد غالبية السكان بيوتهم، ولا توجد عائلة واحدة إلا وتعرضت لمقتل واحد من أفرادها أو أكثر. وهناك عائلات أُبيدت بأكملها، ومئات الجثث المتحللة تنتشر في الشوارع، ولا يوجد مكان آمن يستطيع المرء فيه أن ينام بهدوء منذ بدء الحرب.
وكان جندي إسرائيلي أفاق مفزوعاً من كابوس ليلي راح يطلق الرصاص على جدار الغرفة بهستيريا، فأصاب جنوداً آخرين من رفاقه.
وبحسب تقارير صحافية، فإن الحادثة وقعت خلال مكوث جنود من لواء المظليين داخل معسكر للجيش في عسقلان، الأسبوع الماضي، بغية الاسترخاء، وذلك بعد أسابيع من القتال في قطاع غزة. وفي إحدى الليالي الأولى، حيث كان جنود من الكتيبة 890 يغطُّون في النوم، استيقظ أحدهم مذعوراً من كابوس، وراح يطلق النار على حائط الغرفة. وقد أصيب عدد من رفاقه، وجاءت إصاباتهم خفيفة بأعجوبة من جراء شظايا إطلاق النار.
في أعقاب ذلك، باشرت الشرطة العسكرية التحقيق في ملابسات الحادثة، في حين قرر الجيش الإسرائيلي عدم التحقيق مع الجندي (في هذه المرحلة)، بسبب وضعه الصحي، على أن يتم ذلك وفقاً لمراجعة وتقدير الأطباء.