قالت مصادر في التجارة والمصافي لوكالة رويترز، إن تجارة النفط بين الصين وإيران تعثرت، مع امتناع طهران عن الشحن ومطالبتها لأكبر عملائها بزيادة الأسعار، مما يقلص الإمدادات الرخيصة لأكبر مستورد للخام في العالم.
وقد يؤدي انخفاض إمدادات النفط الإيراني الذي يمثل نحو عشرة بالمئة من واردات الصين من الخام والذي بلغ مستوى قياسيا في أكتوبر، إلى دعم الأسعار العالمية وتقليص أرباح مصافي التكرير الصينية.
هذه الخطوة المفاجئة التي وصفها أحد المسؤولين التنفيذيين في الصناعة بأنها "تقصير"، أو تخلف عن الوفاء بالإمدادات، ربما تكون رد فعل على رفع الولايات المتحدة في أكتوبر للعقوبات المفروضة على النفط الفنزويلي مما أدى إلى ذهاب شحنات المنتج الجنوب أميركي إلى الولايات المتحدة والهند، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع الأسعار بالنسبة للصين مع تقلص الشحنات.
وقال خمسة تجار يتعاملون في النفط أو على دراية بالمعاملات لرويترز، إن البائعين الإيرانيين أبلغوا المشترين الصينيين في وقت مبكر من الشهر الماضي أنهم سيقلصون الخصم على تسليم ديسمبر ويناير من الخام الإيراني الخفيف إلى ما بين خمسة وستة دولارات للبرميل عن سعر التداول لخام برنت.
وقال التجار إن الصفقات التي أبرمت في نوفمبر بلغت قيمة الخصم فيها نحو عشرة دولارات للبرميل.
وقال مسؤول تنفيذي في التجارة مقيم في الصين "يعتبر هذا تخلفا كبيرا عن الوفاء بالإمدادات، ويبدو أن الأمر برفع الأسعار جاء من المقر الرئيسي في طهران، حيث إنهم يحجبون الإمدادات أيضا عن الوسطاء".
وقال مسؤول تنفيذي في شركة وسيطة صينية تشتري مباشرة من إيران، إن الدولة العضو في أوبك "تحجب بعض الشحنات"، مما يؤدي إلى "مأزق" بين المشترين الصينيين والموردين الإيرانيين.
وقال هذا المسؤول التنفيذي "ليس من الواضح كيف ستنتهي الأمور... دعونا ننتظر قليلا وننظر لمدى استعداد المصافي لقبول السعر الجديد".
ووفرت الصين مليارات الدولارات من شراء نفط بخصم كبير من منتجين خاضعين لعقوبات مثل إيران وفنزويلا، ثم روسيا في الآونة الأخيرة، وتزود هذه الدول الصين بنحو 30 بالمئة من وارداتها من النفط الخام.
لم يتضح بعد حجم التخفيضات التي طرأت على الإمدادات الإيرانية إلى الصين.
وقال تاجران إن مشتريا واحدا على الأقل قبل أسعارا أعلى، وأوضحا أن شركة تكرير مقرها شاندونغ، اشترت شحنة في أواخر الشهر الماضي بخصومات تتراوح بين 5.50 دولار و6.50 دولار على أساس التسليم في الميناء المتفق عليه في بلد الوصول.
وأضاف التاجران أن الخصومات قد تتقلص أكثر لأن أحدث عرض تم سماعه كان 4.50 دولار.
ويقول التاجران إن متوسط الخصم في العام الماضي على الخام الإيراني الخفيف، وهو نوع رئيسي تشتريه الصين ويتمتع بإنتاجية عالية من نواتج التقطير المتوسطة، بلغ نحو 13 دولارا.
وقال مشتر من شاندونغ "لا يزال المشترون يواجهون صعوبة في إيجاد حل لأن الأسعار الجديدة مرتفعة للغاية... لكن بما أن الخيارات المتاحة أمامهم باتت محدودة والجانب الإيراني متعنت للغاية، فإن المجال أمام التفاوض في الأسعار صعب وليس في صالح المشترين الصينيين".
وأصبحت المصافي الخاصة الأصغر حجما في الصين، من كبار عملاء طهران منذ شراء النفط الإيراني لأول مرة في أواخر عام 2019.
وقد حلت هذه المصافي محل المصافي الحكومية التي توقفت عن التعامل مع إيران بسبب مخاوف من مخالفة العقوبات الأميركية.
وتقول مصادر تجارية، إن المصافي الخاصة الصينية تجتذب نحو 90 بالمئة من إجمالي صادرات النفط الإيرانية.
وفي خضم الصراع حول الأسعار، انخفض إجمالي صادرات إيران وواردات الصين من طهران.
وذكرت شركة فورتكسا أناليتكس لتتبع ناقلات النفط، إن الصين استوردت نحو 1.18 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني الشهر الماضي مقارنة مع 1.22 مليون برميل يوميا في نوفمبر، وبانخفاض قدره 23 بالمئة عن الرقم القياسي المسجل في أكتوبر البالغ 1.53 مليون برميل يوميا.
ويمثل ذلك الجزء الأكبر من صادرات إيران العالمية من النفط الخام المنقول بحرا، والتي قدرتها شركة كبلر بنحو 1.23 مليون برميل يوميا في ديسمبر، انخفاضا من 1.52 مليون برميل يوميا في نوفمبر.
وتقول كبلر إن المخزون العائم قبالة إيران والمياه القريبة منها ارتفع بنحو مليوني برميل إلى 15.5 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي.
وقال مدير تجاري في مصفاة مستقلة "الإيرانيون يريدون اللحاق بأسعار خام إسبو (الروسي). لكنهم لا يدركون تماما مدى اختلاف العقوبات المفروضة على النفط الإيراني عن تلك المفروضة على النفط الروسي".
وفرضت واشنطن عقوبات على أكثر من 180 شخصا وكيانا مرتبطين بقطاعي النفط والبتروكيماويات في إيران منذ عام 2021، وحددت 40 سفينة على أنها ممتلكات محظور التعامل معها لكونها مملوكة لكيانات خاضعة لعقوبات.
وتتمثل القيود الرئيسية المفروضة على النفط الروسي في وضع الولايات المتحدة وحلفائها حدا أقصى لسعر البرميل عند 60 دولارا في ديسمبر2022 بهدف معاقبة موسكو على حرب أوكرانيا.
وتدفع الهند، وهي مشتر رئيسي للنفط الروسي، في الغالب أكثر من 60 دولارا للنفط، ووصل الرقم إلى 85.42 دولار في نوفمبر، وهو أعلى مستوى منذ أن وضعت مجموعة الدول الصناعية السبع الحد الأقصى.