العراقيون.. بالعناد يغلبون
كتب .. د. فراس مصطفى
رغم أنني لست من هواة كرة القدم، لكنني بدأت في السنوات الأخيرة أتابع مباريات نادي ريال مدريد الإسباني بعد أن صار زيدان مدربا للنادي وبدأت أعجب أيما إعجاب بهذا الفريق وخصوصا فنون ومهارات اللعب الممتعة التي يتمتع بها لاعبوه وإصرارهم في تحقيق الفوز حتى أخر أجزاء الثانية من وقت المباراة, فهم لا يكلون ولا يملون ولا يتعبون ولا يستسلمون حتى يحققوا الفوز وبجدارة, وفي مونديال قطر الأخير, تابعت بعض المباريات وأعجبني الفريق المغربي كثيرا والذي كان لا يختلف في طريقة اللعب وروح المنافسة عن لاعبي نادي ريال مدريد وكان إصرارهم ووصولهم حتى الدور نصف النهائي ولأول مرة في تاريخ كأس العالم من أروع ما شاهدته الجماهير وما كتبت عنه وتحدثت فيه وسائل الإعلام الرياضية وغير الرياضية ومازال الحديث عن هذا الانجاز التاريخي مستمرا ليومنا هذا إضافة إلى الفريق الفرنسي الذي أمتعنا بلعبه في المباراة النهائية مع الأرجنتين والتي أثبت فيها جدارة وحافظ على مكانته في قلوب مشجعيه رغم خسارته التي كانت بشرف لاسيما وإن لاعبيه كانوا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز ورفع الكأس الذهبي.
لم تتوفر لي الفرصة والوقت لمشاهدة المباريات في مونديال خليجي 25 الجارية فعالياته حاليا في البصرة, , فلم أشاهد مباراة الافتتاح بين العراق وعمان التي تحدث عنها الإعلام ورواد التواصل الاجتماعي بأنها كانت مخيبة للآمال وكذلك لم أشاهد مباراة العراق والسعودية التي جرت في طقس عاصف وممطر وفي الحقيقة لم أكن مهتما بالمباريات في خليجي 25 نتيجة للإحباط الذي أنتاب الجميع بسبب تدني مستوى المنتخب العراقي ومسلسل الفشل الذي رافقه أثناء تصفيات كاس العالم أمام فرق ضعيفة مقارنة بغيرها لكنني ذهلت لروعة الافتتاح والتنظيم الذي أبهر العالم العربي قبل الشارع العراقي وأكثر ما أسعدني وأسعد الجميع هو فرح الجماهير العراقية بهذا الانجاز بعد أن يئسوا من رؤية ما يفرحهم ويسعدهم بسبب الخذلان الذي عاشوه منذ سقوط بغداد عام 2003 والعزلة التي سبقت ذلك التاريخ ولأكثر من عقد بسبب الحصار الذي كان مفروضا على البلد منذ العام 1990 وحتى 2003, وبعد أن شاهدت ردود أفعال مواقع التواصل الاجتماعي وقرأت الكثير من التعليقات عن مباراة العراق والسعودية , راجعت مختصر المباراة عبر اليوتيوب وشاهدت مستوى اللعب والأهداف العراقية الجميلة والفرص التي ضيعها لاعبو منتخبنا على فريق السعودية برغم كل الصعوبات التي رافقت المباراة بسبب الأمطار الغزيرة التي استمرت دون انقطاع والمياه التي غطت أرضية الملعب بالكامل وأعاقت اللعب بشكل كبير أعجبت كثيرا بأداء الفريق العراقي الذي هزم منتخب السعودية الذي فاز على منتخب الأرجنتين في مونديال كأس العالم الأخير في قطر وهو بطل كأس العالم لثلاث مرات ولاحظت الإصرار الذي أبداه لاعبو المنتخب العراقي في اللعب وسط أجواء وظروف غاية في الصعوبة والسوء وهذا يعني إن منتخب العراق قد هزم منتخب الأرجنتين بشكل غير مباشر بفوزه على السعودية وبنفس عدد الأهداف التي فازت بها السعودية على الأرجنتين مع الفارق إن ظروف مباراة العراق والسعودية كانت سيئة للغاية في حين كانت الظروف فوق العادة أثناء مونديال قطر.
يبدو لي أن العراقيين اعتادوا على النجاح وتحقيق الانتصارات في شتى المجالات في ظروف المستحيل، فهم مقاتلون أشداء قهروا داعش والقاعدة وغيرها من عصابات الشر في أكثر الظروف خطورة وهم بناة محترفون أعادوا بناء البنى التحتية المنهارة في زمن قياسي أيام الحصار من العدم وهم منتفضون أبطال وقفوا بوجه الظلم واستقبلوا الرصاص بصدور عارية وأجبروا حكومة فتحت الرصاص وقتلت المئات وجرحت الآلاف من الشباب على الاستقالة ولذلك هم مبدعون في أسوء الظروف ويبدو لي إن أبناء شعبي لا يقدمون شيئا إلا عندما تكون الظروف سيئة لذلك أتمنى على الشعب العراقي أن يستغل الحال المتردي الذي يعيش تحت وطأته والظروف السيئة التي يمر بها البلد منذ عقدين لتكون حافزا كبيرا له لإعادة بناء الوطن لاسيما وأنهم اعتادوا على الإبداع في مثل هذه الظروف, وصدقت أغنية فاروق هلال، التي تقول:
هكذا يلعبُ المحاصرونْ
هكذا بالعنادِ يغلبون
إن تكن لعبةً لهمْ
فإنها لنا قتالْ
تذكّروا الشيوخْ
تذكروا الأطفالْ
كلُّ العيونِ عليكمْ
كلَّ القلوبِ لديكمْ
والعراقُ كلُّه ناظرٌ إليكمْ....
جميع الحقوق محفوظة (ميل نيوز)