العراق يتفق رسميًا مع شركة فودافون العالمية لإنشاء شبكة اتصالات الجيل الخامس المملوكة للحكومة
وزير التجارة التركي يكشف حجم التبادل التجاري مع العراق خلال العام الماضي
"ميل" ينشر المقررات الكاملة لجلسة مجلس الوزراء المنعقدة برئاسة السوداني
أولى الفقرات استضافة السوداني.. البرلمان ينشر جدول أعمال جلسة غد الاربعاء
وزير الدفاع يعلق على اوضاع سوريا: حدودنا مغلقة بشكل كامل ولن نتدخل بشأنهم
رسالة هامة إلى رئيس الوزراء.. لا تفعلها
كتب .. نصيف الخصاف
السلام عليكم
"لا تفعلها رجاءً..رجاءً"...
لا أشك بنواياكم فيما يتعلق بإصلاح قطاع الكهرباء وحل هذه الأزمة التي تروج بعض الأطراف المستفيدة من إدامتها، إنها عصية على الحل، لكن يبدو أنكم وقعتم في ذات الفخ الذي وقع فيه كل رؤساء الوزراء السابقين في التعاطي مع هذا الملف، بسبب تضليل الرأي العام الذي نجحت فيه تلك الأطراف أيما نجاح، وسأورد تاليا بعض الأمثلة القليلة من التعاقدات السابقة، عسى أن تسهم في تبيان تفاصيل الصورة الكاملة دون تضليل وأن تتخذوا القرارات المناسبة لمعالجة هذا الملف:
- في شهر كانون الأول من عام 2008 وقع وزير الكهرباء حينها، كريم وحيد، وبحضور رئيس الوزراء نوري المالكي، عقدا مع شركة جنرال إليكتريك لتجهيز العراق بـ56 وحدة توليد طاقة كهربائية تستخدم أنواعا متعددة من الوقود بقيمة مليارين و800 مليون دولار. وكانت طاقة الوحدة التوليدية التصميمية 125 ميغا واط باجمالي 7000 ميغا واط.
وفي ذات الشهر (كانون الاول) 2008 وقع ذات الوزير وبحضور رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي عقدا مع شركة سيمنز بقيمة مليار و909 مليون دولار لتجهيز العراق بـ16 وحدة توليد كهربائية تبلغ طاقتها الاجمالية التصميمية 3190 ميغا واط، علما أن القدرة التصميمية تختلف عن القدرة الفعلية المنتجة، إذ أن القدرة الفعلية المنتجة لن تتجاوز في أفضل الأحوال 45%، وهذا أمر يفترض أن يكون معروفا لكادر الوزارة الذي برر نقص القدرة الفعلية المنتجة، بأن التوربينات التي تم التعاقد عليها تعمل على الغاز- هذا ما ردده بعدها كل رؤساء الوزراء السابقين- فيما تعمل الآن على نزع آخر من الوقود.
وليس معلوما لماذا تم التعاقد مع كلا الشركتين لـ"تجهيز توريبات"، وليس لتجهيز ونصب وتشغيل التوربينات أي إنشاء محطة إنتاج كهرباء كاملة من قبل هذه الشركات، علما أن الوزارة تعاقدت مع شركات من بلدان مختلفة لنصب هذه الوحدات، وكان المفترض أن يتم الإنتهاء من نصبها في غضون عامين بينما تجاوزت المدة العشر سنوات.
لقد تم إيهام رؤساء الوزراء السابقين بأن القدرة التي ستنتج عن نصب هذه التوربينات ستبلغ رقما يزيد على الـ10 آلاف ميغا فولت أمبير -استنادا إلى القدرة التصميمية- بينما النتيجة كانت لا تتجاوز أربعة آلاف ميغا فولت أمبير، لأن القدرة الحقيقية المنتجة لا تتعدى في أفضل الظروف 45% كما هو معروف عالميا، وكما أثبتت النتائج المتحققة على الأرض لاحقا.
كما لم يؤخذ عامل الوقت كعامل منافسة بين الشركات التي نصبت التوربينات، ورغم أن التعاقد يفترض أن يتم مع ذات الشركات المجهزة للتوربينات لنصبها وتشغيلها، لكن حتى الشركات التي تعاقدت معها الوزارة لنصبها وتشغيلها كانت رديئة، ولم تلتزم بمدد التعاقد، وتطلب بعضها ضعف المدة لإتمام العمل.
- تم إنشاء محطات توليد بعيدة عن مصادر الوقود، فكانت عبءا على الوزارة وعلى المنطقة، مثل محطة مدينة الصدر.
- تعاقدت الوزارة مع شركات محلية لنصب قواطع دورة في زمن الوزير كريم وحيد أيضا، لتحديد القدرة الكهربائية التي يأخذها كل منزل بعشرة أمبيرات، سرعان ما استغنت عنها العوائل وربطت الكهرباء مباشرة بالقابلوات الرئيسية، وهي عملية بسيطة ستكرر في حالة نصب ما يروج له بمشروع العدادات الذكية.
- رغم أننا نستورد الكهرباء من إيران، ونعمل على استيرادها من الخليج عبر الربط الخليجي، لكن لا زال يروج في الإعلام وداخل أروقة الوزارة بأن المشكلة الحقيقية لأزمة الكهرباء تتعلق بالنقل والتوزيع، ما دفع رئيس مجلس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي إلى توقيع إتفاقيتين مع كل من شركة سيمنز وشركة جنرال إلكتريك بقيمة إجمالية تتجاوز الثلاثين مليار دولار، لنقل وتوزيع كهرباء غير موجودة، لا تلبي إلا ما يقارب نصف الحاجة الفعلية للبلد. وللمقارنة فقط، تبلغ قيمة العقد الذي أبرمته سيمنز مع مصر ستة مليارات يورو لإنتاج ما يزيد على 14 ميغا فولت أمبير، وبمدة – لاحظ هنا رجاءا- لم تتجاوز السنتين.
- الاتفاقيتان اللتان تم توقيعهما مع كل من شركة سيمنز وشركة جنرال الكتريك في زمن رئيس مجلس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، لن يصلحا موضوع الكهرباء في العراق للأسباب التالية:
- الاتفاقيتان تتعلقان -بصفة رئيسية- بموضوعي النقل والتوزيع، فيما تكمن مشكلتنا الرئيسية بالإنتاج، وثمة عدة أدلة على ذلك، من بينها نشرة وزارة الكهرباء ذاتها التي تذكر أن معدل الإنتاج مع المستورد مع المحصل من المحطات الإستثمارية يبلغ في أقصى حالاته (18000 ميغافولت أمبير)، فيما تبلغ الطاقة المطلوب إنتاجها لتغطي الاستهلاك (31000 ميغا فولت أمبير)، كما أننا نحصل على كهرباء في بيوتنا، ما يدل على سلامة خطوط النقل والتوزيع، فيما تبلغ ساعات التجهيز من ساعتين إلى أربع ساعات كل ساعتين ما يدل على شحة بالإنتاج.
- صيانة شبكات التوزيع النقل لا تحتاج إلى شركة أجنبية مثل سيمنز أو جنرال الكتريك لإتمامها، فكادر الوزارة وشركاتها قادرة على القيام بذلك بمجرد توفير المواد الأولية (القابلوات، المحولات، الأعمدة، معدات الربط، قواطع الدورة بالإضافة الى بعض أنواع العدد والأجهزة المتعلقة بهذا الجانب).
- مهما بلغت كمية الأعمال المراد إعادة تأهيلها في موضوعي النقل والتوزيع، فإنها لا تبلغ ربع هذا المبلغ، لأن الشبكة الكهربائية لا تعاني انهيارا تاما، بل تعاني مشاكل بسيطة شأنها شأن أية شبكة توزيع في العالم بسبب التقادم والاندثار لبعض أجزائها.
- المراد من هاتين الاتفاقيتين تكريس أزمة الكهرباء، وليس حلها أولا، وتهيئة الأرضية للشركات الاستثمارية، كي لا تنفق شيئا في موضوعي النقل والتوزيع من أموالها ثانيا، وهناك دوافع أخرى قد يتم الكشف عنها في السنوات القادمة.
سيادة رئيس مجلس الوزراء المحترم:
بما أن ما التوقيع في ألمانيا لم يصل بعد لمرحلة توقيع العقود، أقترح على سيادتكم ما يلي:
- التعاقد مع سيمنز (أو غيرها) على "إنشاء" محطات توليد بقدرات إجمالية تساوي نحو 15 ألف ميغاواط، على أن تتولى شركة سيمنز ذاتها كافة تفاصيل الإنشاء (نصب، وتجهيز، وتوصيل، وتشغيل وتدريب الكادر الذي سيعمل في المحطات)، وترك موضوعي النقل والتوزيع إلى مرحلة لاحقة حيث تكون لدينا كهرباء تلبي حاجة البلد أولا قبل أن نحتار في نقلها وتوزيعها.
- أن يدخل عامل الوقت المطلوب إنجاز الأعمال فيه كعامل منافسة بين الشركات المقدمة للعروض، وكذلك يتم التفاوض مع الشركة التي يتم إحالة المشروع اليها، إمكانية تقليص المدة إلى الثلث إذا ما وفرنا لها قدرة عمل (أيدي عاملة فنية وهندسية من أصحاب العقود وغيرهم)، في ثلاث وجبات عمل متتالية، ليستمر العمل على مدار الساعة، فليس من الحكمة إخبار مواطنينا أن الكهرباء ستستمر على حالها المتردي لخمس أو سبع سنوات قادمة.
- من المهم أن يتضمن العقد أن تعمل التوربينات المطلوبة على الغاز المصاحب، ومن الأفضل توقيع العقود الخاصة باستثمار الغاز بما يوازي توقيع عقود إنشاء المحطات من حيث التوقيع والتنفيذ (المدة المطلوبة لاستثمار الغاز المصاحب تتراوح بين ستة أشهر إلى سنة، وليس إلى خمس سنوات كما يروج في الإعلام).
- أجد من الحكمة الإستفادة من التجربة المصرية، ولا بأس من استنساخها، حيث أن القدرة المطلوب إنتاجها تساوي القدرة المنتجة في المحطات الثلاث التي أنشأتها سيمنز في مصر، كما أن مدة التنفيذ تناسب حاجة البلد الملحة، وكذلك مبلغ العقد (ستة مليارات يورو) مناسب وسيكون أفضل من الإتفاقية المبرمة مع سيمنز سنة 2019 والتي تكلف ضعف هذا المبلغ ولا تنتج عنها كهرباء تكفي لحاجة البلد.
لم أجد وسيلة لإيصال رسالتي هذه الى سيادتكم غير وسيلة الكتابة والنشر في هذه الجريدة، عسى أن تجد رسالتي هذه طريقها إليكم بطريقة ما.
ربما سأكتب رسالة ثانية تتضمن ما أتمنى من سيادتكم أن "تفعلوه"، وليس ما "لا تفعلوه" كما في هذه الرسالة.
مع وافر التقدير والاحترام
جميع الحقوق محفوظة (ميل نيوز)