لماذا يكره الحكام العرب “حركات المقاومة”؟

لماذا يكره الحكام العرب “حركات المقاومة”؟

+A -A
  • 29-01-2023, 20:23
  • 244 مشاهدة
  • اراء ومقابلات

كتب .. محمد سيف الدولة
انضمت كل من مصر والأردن والامارات والبحرين الى قائمة الدول التى أدانت العملية البطولية بالقدس المحتلة، ردا على قيام الاحتلال بقتل وتصفية تسعة فلسطينيين اثناء اجتياح قواته لمحافظة جنين. فلماذا يكره الحكام العرب حركات المقاومة وعملياتها؟
• لأنها تحرجهم أمام شعوبهم وتطالبهم بمواقف لا يجرؤون ولا يرغبون فى اتخاذها خوفا أو تواطؤا، كما تكشف خوفهم وأكاذيبهم بأنه لا قبل لنا باسرائيل، وبأن القتال والمقاومة لا تجدى، وبأن الاعتراف بها والسلام معها هو الخيار الممكن الوحيد.
• كما أن المقاومة تكشف الوجه الارهابى العنصرى البربرى للكيان الصهيونى، الذى سالمته الانظمة العربية وطبعت معه، فتزيدهم احراجا على احراج.
لأن المقاومة تهدد عروشهم، فأهم مصدر لشرعياتهم التى منحها لهم “المجتمع الدولى الأمريكى”، هو الحفاظ على وجود (اسرائيل) وأمنها، مما يجعل أمنهم وامنها فى كفة واحدة فى اطار ترتيبات الأمن الاقليمى التى وضعتها أمريكا ووزعت أدوارها، والتى تتناقض على طول الخط مع اعتبارات الامن القومى العربى.
كما أن الامريكان قد نجحوا على امتداد العقود الماضية فى ترويض النظام العربى الرسمى على قواعد الاستسلام والخضوع للأقوى و”الاعتدال والواقعية”، ولذا دأب الحكام العرب على اتهام المقاومة بالتطرف والطفولة والبعد عن الواقعية والانتحار وإلقاء نفسها وشعبها الى التهلكة.
بالإضافة الى انهم لا يجرؤون على مخالفة “السادة” الأمريكان الذين يصنفون حركات المقاومة كمنظمات ارهابية.
كما أنهم حلفاء وشركاء ووكلاء للمصالح الامريكية والاوروبية الاستعمارية فى بلادنا، والوكيل لا يخرج عن تعليمات موكله.
والتفاف الجماهير العربية حول المقاومة يضعف موقفهم أمام الأمريكان، ويكشف عجزهم عن ردع الشارع العربى، وإبعاده عن القضية الفلسطينية.
والمقاومة تعيد القضية الفلسطينية الى صدارة المشهد بعد أن حاولوا تصفيتها عدة مرات بعد حرب 1973.
كما انها تسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية التى تؤيدها وتدعمها كافة الانظمة العربية وتعتبرها الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى منذ 1974، لتبرير انسحابها من مواجهة العدو الصهيونى، كما انها السلطة التى ترضى عنها وتعترف بها أمريكا و(اسرائيل) والاتحاد الاوروبى ومجتمعهم الدولى.
ولأن الأنظمة وحكامها باعت فلسطين منذ زمن بعيد، ولم يعد يعيق اتمام الصفقة وتسويتها، الا المقاومة وصمودها.
ولأن المقاومة ترفض الاعتراف (باسرائيل) التى اعترفوا بها جميعا سرا أو علانية.
ولأن اعترافهم الباطل بها وبحقها فى الحياة آمنة داخل حدود فلسطين 1948، يترتب عليه اعتبار كل ما يهدد أمنها، ارهاب.
لأنهم وقعوا مع العدو معاهدات، تلزمهم بمطاردة المقاومة الفلسطينية، بنصوص صريحة يخفونها عن شعوبهم.
ولأنهم ينسقون مع (اسرائيل) ليلا نهارا من اجل تحقيق الامن العربى الاسرائيلى “المشترك” فى مواجهة المقاومة “الارهابية”.
كما أن المقاومة ترفض نزع سلاحها، بينما رضخوا هم لشروط (اسرائيل) بنزع اسلحتهم مقابل انسحابها من الاراضى التى احتلتها فى بلادهم.
فهى تتحدى كل معاهداتهم ومبادراتهم ومشروعاتهم المشتركة مع العدو.
ولأنها توجه السلاح العربى فى الاتجاه الصحيح، فى وقت يوجهه الحكام الى معارك الاقتتال العربى العربى والمعارك الطائفية وتصفية المعارضة.
لأنها تكشف استبدادهم حين يقمعون مظاهرات الغضب العربية ضد (اسرائيل).
وتكشف الفرق بين خوفهم من مواجهة (اسرائيل)، وبين جبروتهم ووحشيتهم فى مواجهة شعوبهم.
لأنها تكشف زيف ادعاءاتهم وشعاراتهم عن الأمة العربية والعروبة والوحدة ومركزية قضية فلسطين.
كما تكشف زيف الشعارات الوطنية والأمن القومى التى يطنطنون بها ليلا نهارا لخداع شعوبهم وتضليلها، للتغطية على استبدادهم وفسادهم وتواطؤهم.
لأنها تفضح اهدارهم وتبديدهم للثروات العربية لشراء اسلحة بالمليارات، لا يستخدمونها، فى وقت يحظرون فيه السلاح عن الفلسطينيين.
لأنها تفضح انخراطهم تحت القيادة الامريكية فيما سمى بحرب “تحرير” الكويت وفى غزو أفغانستان والعراق وغيرها، وصمتهم تجاه فلسطين.
لأن خوفهم وصمتهم أو تواطؤهم على الاعتداءات الصهيونية المتكررة، يكشف ويسقط اساطيرهم عن النصر على (اسرائيل)، بعد أن استسلموا لها عقائديا واستراتيجيا فى الكواليس والغرف المغلقة منذ زمن بعيد.
لأنهم اختاروا نهج الاحتلال والتبعية والاحتماء بالأمريكان والغرب، فكيف ترفض المقاومة ما قبلوه هم؟
لأنهم لا يزالوا يعيشون بعقدة 1967.
لأن نموذج حرب التحرير الشعبية الذى تقدمه المقاومة قد أثبت نجاحا وفاعلية فى مواجهة الآلة العسكرية الاسرائيلية، وهو النموذج الذى تخشاه الانظمة العربية، خشيتها من تسليح الجماهير المقهورة التى يمكن أن تثور عليهم.