"ضابط" يكافح "الهابط".. أساليب "المحتوى السام" تفوق خطر الإعلام

"ضابط" يكافح "الهابط".. أساليب "المحتوى السام" تفوق خطر الإعلام

+A -A
  • 25-03-2023, 14:00
  • 194 مشاهدة
  • اراء ومقابلات

محمد الزيدي


فتحت حملة مكافحة "المحتوى الهابط"، شهية العراقيين ورفعت سقف طموحهم، بحملة شبيهة لكن بمستوى أعلى، تستهدف "تجّار الظلام".


ولم يمنع قيام السلطات العراقية في 17 كانون الأول 2022 بحرق ما يقدر بستة أطنان من المواد المخدرة وأدواتها، كانت قد ضبطت وحفظت في مخازن دائرة الطب العدلي بوزارة الصحة منذ 2009، اقدام الكثيرين على تداول وتعاطي المخدرات التي اتسعت ظاهرتها في محافظات عدّة.


اعتقالات بالجملة


وفقاً لما يقوله المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا فقد تمكنت الأجهزة الأمنية خلال العام 2021 من اعتقال قرابة 13 الف متهم، ما بين متعاطٍ وحائز وتاجر مخدرات، بينهم أكثر من 150 امرأة ، فيما اعتقلت خلال العام 2022 قرابة 14 الف متهم بالمخدرات، داعياً "المواطنين الى التعاون الجاد مع القوات الأمنية لتطويق الظاهرة التي بدأت تتسع بشكل ملحوظ".


ووفقاً لما يقوله المتحدث باسم الداخلية فقد "لجأ بعض المهربين إلى نقل المخدرات داخل المدن العراقية بواسطة الطائرات المسيّرة، أو اخفائها في بضائع معينة كاللحوم وغيرها، موضحاً أن "تجارة المخدرات صارت من الجرائم العابرة للحدود، وتصل إلى العراق من افغانستان وشرق أوروبا ".


وتشكل المخدرات تهديداً خطيراً يستهدف بنية المجتمع العراقي، وانتشارها لا يشكل خطورة على المتعاطين فحسب، بل تحول الكثير من المدمنين إلى مجرمين تحت تأثير المخدرات.


وفي الوقت الذي يقرُّ المحنا باستخدام تجار المخدرات أساليب متطورة لنقل المخدرات داخل المدن العراقية التي ساهمت في ارتفاع معدلات الجرائم داخل المجتمع، يكشف عن "تصدر محافظات ميسان والبصرة والانبار في تعاطي وترويج وتهريب المخدرات كالحشيشة والكرستال والكبتاغون". 


وشهد العراق بعد العام 2003 تفشيا ملحوظاً في تجارة المخدرات وبات هذا الملف من أكبر الملفات تعقيداً، إذ أعلنت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في 4 حزيران 2022 عن إسقاط طائرة شراعية بدائية الصنع محملة بمليون حبة مخدرة في البصرة جنوبي البلاد، كان المهربون ينون إدخالها إلى الأراضي العراقية.


كما تم الكشف في أواخر أبريل/ نيسان الماضي عن كشف شبكتين دوليتين لتجارة المخدرات في بغداد وتوقيف 10 أشخاص في إطار العملية، بينهم 5 من جنسيات عربية، وضبطه أكثر من 6 ملايين حبة من الكبتاغون.


ضعف الرادع القانوني


أوجبت المادة 28 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية العراقي عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت أو بغرامة لا تقل عن 10 ملايين دينار ولا تزيد عن 30 مليون دينار، ضد كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو تملك مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيميائية أو نباتا من النباتات التي تنتج مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلمها أو نقلها أو تنازل عنها أو تبادل فيها أو صرفها بأية صفة كانت أو توسط في شيء من ذلك، بقصد الاتجار فيها بأي صورة، أو قدم للمتعاطي مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو شجع على تعاطيها، أو أدار أو اعد أو هيأ مكانا لتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية، أو اغوى حدثا أو شجع زوجه أو أحد اقاربه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية.


في العام 2017 أجرى مجلس النواب العراقي تعديلاً للمادة 32 من قانون المخدرات رقم 50 وأقر عقوبة التعاطي بالحبس من سنة إلى سنتين، وغرامة مالية تصل إلى 10 ملايين دينار فقط.


عقوبة جنائية يصفها الخبير القانوني علي التميمي بأنها لا تناسب وتحول العراق سوقاً للتعاطي ولا تتلاءم مع حجم الجريمة وضررها.


التميمي يقول لـ"ميل" إن الردع يعد من أهداف العقوبة الجنائية وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتعامل مع هذه الجرائم بتلك العقوبات هو أمر غير موفق، وينم عن عدم دراية بما يجري". 


إلى ذلك كشف النائب الثاني لرئيس اللجنة القانونية في البرلمان عبد الكريم عبطان عن "تبني عدد من النواب لمقترح تعديل قانون المخدرات يتضمن إخضاع موظفي الدولة وطلبة الجامعات والمتقدمين على التوظيف الحكومي لفحص سنوي لإثبات عدم تعاطيهم للمخدرات وتشديد الاجراءات القانونية الخاصة بمكافحة المخدرات للحد من تجارتها وتعاطيها".


ويضيف قائلاً لـ"ميل": "تعكف لجنة مكونة من وزارة الداخلية والصحة على دراسة مقترحات لتعديل قانون المخدرات رقم 50 لسنة 2017 ومنها فك ارتباط مديريات المخدرات في كافة المحافظات بقيادات الشرطة وربطها اداريا وفنيا بالمديرية العامة لمكافحة المخدرات"، موضحاً أن تلك التعديلات "تأتي لمعالجة الثغرات الأمنية والقانونية والحد من أفة المخدرات الخطيرة".


ضبط الحدود 


"بذل المزيد من الجهد الأمني والاستخباري وفرض رقابة صارمة على الحدود العراقية مع دول الجوار"، حل تجده الباحثة في الشأن الاجتماعي ندى العابدي، قد يسهم بتطويق ظاهرة تجارة المخدرات، مبدية خشيتها من تحوّل العراق إلى أرض خصبة للجريمة المنظمة لانتشار المخدرات بشكل لافت.


وتقول العابدي إن "فئة الشباب من عمر 18 - 35 سنة هي من الفئات الأكثر تعاطياً للمخدرات بسبب الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية التي يعانوها، ولذلك صار العراق معبراً لوصول المخدرات الى الخليج وأوروبا، بعدما كان يستهلكها ويتداولها فقط قبل العام 2003".


ووفقاً للباحثة الاجتماعية فإن تحجيم خطر المخدرات يتطلب أساليب مدروسة لاحتواء شريحة الشباب والاهتمام بها، وبرامج اكثر استيعابا للمساهمة في الحياة السياسية والاجتماعية.