الهيئة العليا: انتهاء المرحلة الثانية للتعداد والنتائج ستعلن الأسبوع الحالي
المرور تقدم 7 نصائح للسائقين بسبب تدني مستوى الرؤية غداً الأحد
الصحة تصدر توضيحاً حول حقيقة انتشار أمراض الجلدية في المدارس
العراق يُخاطب العالم برسائل رسمية لكبح تهديدات "تل أبيب": نحن ركيزة الاستقرار
الأمم المتحدة: قلقون على أمن النازحين اللبنانيين العائدين من سوريا
أزمة السكن في العراق .. سباق بين الحكومة ومضاربي العقارات
حسن الشنون
منذ سنين طويلة والموظف في وزارة التربية، علي الأسدي الذي يعيش في أطراف منطقة النفطية أحدى أحياء ضاحية الزعفرانية (جنوب شرق العاصمة بغداد)، يعيش في غرفة نائية شيدت من الطابوق المعاد، سقفٌ من الصفيح يعلو الغرفة، وعلى مقربة منها أنقاض لما يسميه مرافق صحية أحيطت بصفيحة برميل معدني قديم.
"لا يمكن الاستدلال على كون هذه الغرفة يعيش بداخلها بشر إلاَّ من خلال ضوء خافت يضيء مساء كل يوم" هكذا يصف الأسدي حال عيشه.
ومع شعور بالعجز عن الحصول على مكان ملائم للعيش، كل ما يتطلع اليه الأسدي (47 عامًا) هو الحصول على قطعة أرض سكنية أسوة بأقرانه من الموظفين، لكن نقاط المفاضلة كما يقول، "هي من تحول دون تحقيق حلمه".
ورداً على عدم شموله بتوزيع قطع الاراضي أسوة بأقرانه من الموظفين يقول الاسدي بأن "ما يعرف بضوابط توزيع قطع الاراضي على موظفي الدولة واستلزام جمع نقاط معينة، هي التي تحول دون حصولي على قطعة أرض سكنية" داعيا الحكومة إلى" إعادة النظر بمثل تلك التعليمات".
الاسدي يقول إنه "يعيش معاناته منذ أن استقل عن بيت والده"، مستغرباً "استمرار معاناته في ظل حديث حكومي عن مشاريع سكنية عملاقة".
أزمة السكن في العراق هم كبير يجثم فوق صدور مئات الالاف من العراقيين الذين لم يتمكنوا حتى الان من الحصول على مبتغاهم، بسبب أزمة السكن الخانقة التي تعيشها المدن العراقية وارتفاع أسعار العقارات .
إجراءات حكومية لاحتواء الأزمة
من ضمن الاجراءات الجديدة التي اضطلعت بها الحكومة لمواجهة مشكلة أزمة السكن المستفحلة استحداث هيئة جديدة في وزارة الاسكان والاعمار اسمتها "هيئة المدن الجديدة" تكون أولى أولياتها حل مشكلة وأزمة السكن في العراق والملفات الاخرى المتعلقة بشكل مباشر بحياة الناس.
المتحدث باسم وزارة الإعمار والاسكان نبيل الصفار، يقول إن استحداث الهيئة يأتي لمعالجة أزمة السكن وتقديم المقترحات اللازمة بشأنها"، كاشفا عن "قيام الهيئة الجديدة بإجراء مسوحات ميدانية لمدن جديدة خارج مراكز المحافظات واستملاك الأراضي بالتعاون مع وزارة المالية والزراعة لفرز الاراضي وتقسيمها وتوزيعها للمواطنين".
ووفقاً لما يقوله متحدث وزارة الاسكان والتعمير إن "هذه الاجراءات الحكومية تأتي لتلافي أزمة السكن وتنفيذا لبرنامج حكومة السوداني الذي تضمن توفير 500 الف وحدة سكنية جديدة خلال السنوات الثلاث المقبلة"، مشيراً إلى المرحلة المقبلة، "ستشهد انطلاق خمسة عشر مشروعا سكنياً كمدينة علي الوردي السكينة ومدينة الديوانية الجديدة ومدينة السلام ومدينة المتنبي".
ويأمل الصفار في أن "تخفف المدن الجديدة التي ستعلن الحكومة قريباً الشروع ببنائها من الزخم السكاني داخل مراكز المدن".
إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء قالت إن" مجلس الوزراء شكل لجنة برئاسة وزير الاعمار وعضوية عدد من الوزارات والمؤسسات بهدف القضاء على البيروقراطي واتخاذ الحلول الانية في حل هذه الأزمة"، مشيرة إلى أن" المجلس منح اللجنة صلاحية إيجاد صيغة جديدة بالتعاقد مع المستثمرين لبناء المدن السكنية".
مدن سكنية جديدة
ويسجل مراقبون ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار عقارات بغداد والمحافظات بنسبة تجاوزت 50% عن أسعار مثيلاتها في البلدان المجاورة، فيما سجلت العاصمة بغداد اقبالا كبيرا للسكن فيها، وكذلك زاد الإقبال على شراء العقارات التجارية والمحلات الكبيرة (المولات) والبنايات الضخمة، ما جعل الحاجة ملحة لإجراءات حكومية تحمي الفقراء من جشع المضاربين العقاريين.
المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي يكشف عن "نية حكومية بناء 119 مشروعاً سكنياً و117 مدينة سكنية في بغداد والمحافظات الاخرى سيتم انشائها وفق تصاميم حديثة مع التركيز والتأكيد على أن تكون متكاملة الخدمات"، موضحاً بأن" حكومة السوداني ستشرع ببناء مشروع بناء مدينة الصدر الجديدة بوحدات سكنية وخدمات متكاملة يمثل اضافة مهمة لحل أزمة السكن والاكتظاظ في العاصمة".
الهنداوي يقول إن "تلك المشاريع في حال انجازها ستوفر قرابة مليون و500 الف وحدة سكنية تقريبا".
وعلى ذات المنوال يحذر النائب محمد عنوز من "تحايل شركات بعينها تتخصص بإنشاء المجمعات السكنية من خلال استغلال اراضي الدولة التي يمنحها قانون الاستثمار مجانا للمستثمرين واضافة سعر الأرض على المبلغ النهائي لسعر الوحدة السكينة ويبيعها على المواطن بمبالغ خيالية".
ويحذر النائب البرلماني من أن سعر الوحدة السكنية التي يتم انشاؤها في المجمعات، "لا تتجاوز 40 مليون في حين يعمل المستثمر على بيعها للمواطنين من 120 مليون وصولا الى 300 مليون وأكثر في بعض المجمعات السكنية ، وتلك بحد ذاتها مخالفات تتحمل مسؤوليتها الحكومات السابقة".
استمرار في توزيع قطع الأراضي
وبهدف التخفيف من آثار أزمة السكن التي يمر بها البلد، قرر البنك المركزي العراقي في عام 2021 استمرار مبادرته في دعم سيولة قطاع الاسكان (صندوق الإسكان والمصرف العقاري) لإقراض المواطنين والموظفين الراغبين بشراء وبناء وحدات سكنية في عموم العراق، تتراوح قيمة القروض المقدمة من 50 مليون إلى 125 مليون دينار ومدة سداد لا تتجاوز 20 سنة لتسهيل قيمة القسط الشهري.
هذه المبادرة دفعت إلى تعزيز جانب الطلب على الاسكان أكثر من تعزيز جانب العرض هذا ما أدى إلى ارتفاع اسعار العقارات بشكل واضح في بغداد وعموم محافظات العراق.
وبهذا الصدد يكشف عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي النيابية محمد البلداوي عن" موافقة رئيس الوزراء بتوزيع قطع الأراضي على الطبقات الهشة والفقيرة والمستحقين في القوات الأمنية والموظفين ضمن مشروع توزيع 500 الف قطعة، فضلاً عن توجه حكومي لإنشاء مجمعات سكنية واطئة الكلفة من أجل حل ازمة السكن التي تفاقمت في البلاد خلال السنوات السابقة".
وحسب الاحصائيات الرسمية فإن العراق "يحتاج إلى ما يقارب 3 ملايين وحدة سكنية جديدة لتخفيف أزمة السكن التي يعاني منها ، فيما سيؤدي الاستمرار في بناء الوحدات السكنية إلى زيادة استقرار الاقتصاد" وفقاً للبلداوي الذي يربط "بين مشكلة السكن وارتفاع الكثافة السكانية وبين النزوح السكاني من الريف الى المدينة وتداعياته السلبية".
أزمة السكن في العراق .. صراع مع الفساد
وفقاً لإحصائيات شبه حكومية فقد يقطن قرابة مليون ونصف شخص في مناطق عشوائية خارج التصميم الأساسي لمدينة بغداد بالتزامن مع سرقة القرن التي تضمنت سرق الأموال الضريبية.
وحسبما يقول رئيس شبكة النهرين لدعم النزاهة والشفافية محمد الربيعي فإن أسعار العقارات المرتفعة التي فاقمت من أزمة السكن في العراق تخضع لمزاج مافيات الفساد الموجودة في العقارات"، معتقداً أن" تلك المافيات تمارس ظاهرة المتاجرة بالعقارات في الأحياء الراقية لغرض غسيل الأموال".
وارتفعت في بغداد والمحافظات أسعار العقارات بشكل جنوني بعد الاستقرار الأمني الذي شهدته المدن العراقية، ظاهرة ارتفاع الأسعار يردها الربيعي الى" نفوذ سياسيين فاسدين تقاسموا خلال السنوات السابقة المناطق الراقية في بغداد، وأصبح لكل منهم نفوذاً خاص به كاشفا عن مغادرة سكان تلك المناطق مقابل بيعها بمبالغ تصل الى 6 مليون دولار".
ويحذر الربيعي من "مغبة استمرار الفساد وعدم مكافحته"، مبدياً مخاوفه من "استمرار مافيات غسيل الأموال بتوظيف عقارات الناس لحرق الأسعار وبالتالي نهب القيمة النقدية المطروحة في السوق".
وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2021 فقد أحتل العراق مرتبة متقدمة في مؤشر مدركات الفساد العالمي، 157 من أصل 180 دولة، ونظراً لاعتماد العراق طريقة النقد في بيع وشراء العقارات فمن السهل تبيض الاموال أي تحويل الاموال غير المشروعة الى أموال مشروعة، هذا الأمر دفع إلى الاقبال على شراء العقارات وزيادة الطلب وارتفاع اسعارها، وهذا ما أشار إليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اثناء حديثه عن سرقة الامانات الضريبة البالغة 2.5 مليار دولار والتي عرفت بـ"سرقة القرن".
جميع الحقوق محفوظة (ميل نيوز)