الأمة المنفلتة

الأمة المنفلتة

+A -A
  • اليوم, 19:18
  • 34 مشاهدة
  • اراء ومقابلات

بغداد- ميل  

قال تعالى "فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون"، هذه دعوة صريحة إلى الرجوع لأهل الاختصاص، واحترام خبرتهم، وتقدير موقعهم، وذكر في الكتاب المقدس: “الطبيب يُكرَّم لأجل حاجتنا إليه، فإن الرب خلقه”، لتكتمل الرسالة الإلهية في الإشارة إلى أن احترام ذوي الاختصاص ليس خياراً، بل واجب روحي وأخلاقي.

لكننا في العراق، نبدو وكأننا الأمة الوحيدة التي اختارت أن تهين خبراءها، وتزدري دولتها، وتجعل من ثقافة الاستهانة بالاختصاص جزءاً من العرف العام، من قضية الدكتورة بان، إلى غيرها من القضايا، لم يكن النقاش عن الحقيقة أو عن حق الضحية، بل عن “الطشة” وسباق الترند، حيث تُداس قدسية الواقعة، ويُتجاهل أهل الضحية لصالح فرجة لحظية عابرة.

في الاقتصاد آلاف الخبراء يُقصَون لصالح “محلل فيسبوكي” و في الرياضة عشرات المحللين يغرقون وسط أصوات الهتاف لا التحليل و وفي السياسة ملايين “المتنبهين” يملؤون الفضاء ضجيجاً دون بصيرة ولا مسؤولية، حتى إعلامنا بدل أن يبقى عيناً يبحث عن الحقيقة تحول إلى حفلة قراءة لغة جسد بطريقة شعبوية لا أثر فيها للتحقيق ولا للمعلومة أما الإعلام الرقمي ففقد أي انضباط وغدا ساحة مفتوحة بلا ضابط ولا معيار.

وفي المقابل، دول قريبة منّا شددت على هيبة الدولة في إحداها تصل عقوبة الاستهانة بقراراتها إلى السجن 25 عاماً بينما الإعلان غير المرخّص عن منتج قد يكلّف صاحبه مليون درهم غرامة قوانين رادعة تحمي الدولة لأنها تبدأ من الفرد وتنتهي في مؤسساتها.

ولأن الدولة انعكاس لمجتمعها فقد كان شكل نظامنا صورة أمينة لواقعنا هشاشة تُنتج هشاشة وانفلات يولّد انفلاتاً

قبل أيام قال أحد المقربين من السلطة إن العراقيين أمة منفلتة ورغم أن الوصف أثار غيظ البعض إلا أن القصد كان واضحاً رأي مفرط وعلم بكل شيء وثقافة لا تعترف بحدود الاختصاص، وكما قال سيد البلاغة عليه السلام ما هلك امرؤ عرف قدره.