أعلن رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم محمد العميري، خمسة مرتكزات اساسية تستند اليها المحكمة في عملها، وتُعد اساساً لها عند اصدار احكامها وقراراتها، وان تلك المرتكزات تكون وفقاً لما اوضحه السيد رئيس المحكمة المحترم.
والمرتكزات هي :
- المصلحة العليا للشعب تكون من خلال الحفاظ على الحقوق والحريات العامة وعدم التضحية بها، والواردة في الدستور العراقي لعام 2005 من المادة (14) الى المادة (46) ، حيث إن عدم الحفاظ على تلك الحقوق والحريات يعني عدم بناء مؤسسات ديمقراطية صحيحة تؤدي الى بناء نظام برلماني ديمقراطي صحيح.
- الحفاظ على وحدة العراق وسلامته واستقلاله ونظامه الديمقراطي الاتحادي استناداً الى أحكام المادة (1) من الدستور العراقي الذي وصف نظام الحكم في العراق بأنه جمهوري برلماني ديمقراطي موحد، وأن هذا الدستور ضامن لوحدة العراق، وبالاستناد الى أحكام المادة (109) من الدستور العراقي التي ألزمت جميع السلطات الاتحادية بالحفاظ على وحدة العراق وسيادته وسلامته ونظامه الديمقراطي الاتحادي.
- الحفاظ على استقلالية السلطة القضائية وفقاً لما جاء في المواد ( 87، 88، 89، 92، 93) من الدستور وعدم السماح بالمساس بهذه الاستقلالية من أي جهة خارجية أو داخلية، وعلى جميع الدول التي تدعي بأنها قد أحرزت مساراً كبيراً في النظام الديمقراطي، وأنها تراعي حقوق الإنسان، عليها أن تراعي مبدأ استقلال السلطة القضائية في العراق.
- عدم تجاوز مبادئ العدالة والقيم القضائية الراسخة لدى القاضي العراقي طيلة فترة عمله في القضاء، حيث إن قضاة المحكمة الاتحادية العراقية العليا لهم باع طويل في القضاء، ولهم خدمة قضائية لسنوات طويلة جداً ترسخت لديهم مبادئ وقيم قضائية لا يمكن تجاوزها عندما تتوفر أدلة كافية للحكم بالدعوى في هذا الاتجاه أو ذلك، حيث لا يمكن لأي قاضٍ في العالم أن يتجاوز العدالة إذا توفرت الأدلة الكافية للنطق بها، وإن تجاوز ذلك يمثل خرقاً لمبادئ العدالة والقيم القضائية الصحيحة.
- الحفاظ على التطبيق الصحيح والسليم للدستور والقانون بما يضمن تحقيق مصلحة الشعب والوحدة الوطنية، وإن هذا الدستور يحفظ للعراق وحدته شعباً وأرضاً وسيادة، مؤكداً أن " الدستور ليس ملكاً لحزب أو لجهة أو لقومية، بل هو منجز للشعب العراقي بجميع مكوناته والتي ضمنها الدستور.
ونتيجة لنظام مرير قدم الشعب العراقي من خلاله التضحيات الكبيرة، ويجب الحفاظ على التطبيق الصحيح والسليم للدستور العراقي وهو من أهم المرتكزات التي تجريها المحكمة".
- يجب على الجميع بما فيهم القضاة، من خلال عملهم، لا سيما أن أحكامهم تصدر بأسم الشعب، لا بد من وجوب الحفاظ على دماء شهداء العراق وعدم السماح لاستغلال تلك الدماء لتحقيق مصالح شخصية لهذه الجهة أو تلك، حيث إن تلك الدماء قدمت لبناء عراق لكل العراقيين ( كالفقراء والمحتاجين والعمال والفلاحين والطلبة وأفراد الأجهزة الأمنية والعسكرية )، لافتاً الى أن "شهداء العراق الذين قدموا أرواحهم من أجل العراق، هم من عوائل تلك الفئات، ومن سائر فئات المجتمع العراقي، حيث إن جميع العراقيين شيعة وسنة، عرباً وكرداً قدموا آلاف الشهداء، ولولا تلك الدماء لما وصل إليه الشعب العراقي في الوقت الحاضر، وإن دماء الشهداء يجب أن تتجسد بوحدة العراق كما ورد في الدستور، وبالمساواة أمام القانون وفقاً لما جاء في المادة (14) من الدستور وفي التداول السلمي للسلطة، ووفقاً لما جاء في المادة السادسة من الدستور واعتبار أن الشعب هو مصدر السلطات وشرعيتها وفقاً لما جاء في المادة (5) من الدستور وضمان مشاركة جميع العراقيين في الحياة السياسية وممارسة لحقوقهم السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح وفقاً لما جاء في المادة (20)من الدستور، بما يؤدي الى الحفاظ على الأموال العامة وحرمة تلك الأموال وبما يؤدي الى التوزيع العادل لثروة البلد على جميع أبناء الشعب العراقي وفقاً للمادة (27/ أولاً) من الدستور، وبما يؤدي الى ضمان حرية التعبير عن الرأي لجميع العراقيين وفقاً لما جاء في المادة (38) من الدستور".
وقال رئيس المحكمة الاتحادية العليا : إن "المحكمة الاتحادية العليا تستمد عدالة قراراتها من الشعب العراقي، ويجب العودة للشعب لبيان فيما إذا كانت تلك القرارات عادلة أو غير عادلة "، مبيناً أن "القاضي العراقي سواءً كان في المحكمة الاتحادية أو غيرها يصدر حكمه باسم الشعب، ولا يحكم باسم مصلحة لجهة معينة أو قومية أو فئة معينة من المجتمع".
قرارات باتة وملزمة
وبيّن أنه " استناداً لأحكام المادة (94) من الدستور العراقي، فإن قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة لجميع الأشخاص والسلطات، وهذا البتات فلسفته متأتية من اختصاصات المحكمة الاتحادية الواردة في المادة (93) من الدستور"، لافتاً الى أن "مجلس النواب واستناداً لأحكام المادة (49/ أولاً) من الدستور يكون من عدد من الأعضاء يمثلون الشعب العراقي بكامله بنسبة مقعد واحد لكل 100 ألف نسمة، حيث إن الشعب العراقي عندما خرج بالملايين في الـ30 من كانون الثاني 2005 لصناديق الاقتراع للاستفتاء على الدستور، كان خروجه إنجازاً عظيماً ومن خلاله شُرِع الدستور".
واضاف إن " الشعب العراقي استلهم من الدستورحيث زحف لاول مرة في التاريخ لصناديق الاقتراع بالملايين رجالاً ونساءاً وشيباً وشباناً في الثلاثين من شهر كانون الثاني من سنة الفين وخمس ميلادية مستذكرين مواجع القمع الطائفي ومستلهمين فجاء شهداء العراق شيعة وسنة عرباً وكرداً وتركماناً ومن مكونات الشعب جميعها مستذكرين عند استفتاءهم على الدستور استباحة المدن المقدسة للانتفاضة الشعبانية والقمع القومي في مجازر حلبجة وبارزان والانفال والكرد الفيليين ومآسي التركمان في بشير ومعاناة شعبنا في المنطقة الغربية من تصفية قياداتها ورموزها وشيوخها وتشريد كفاءاتها وتجفيف منابعها الفكرية، لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال لأي جهة أن تعمل خلافاً للدستور، حيث إنه وصف قرارات المحكمة الاتحادية في مادته الـ (94) باتة وملزمة، وبالتالي هذا البتات يلزم بأن تطبق لما ورد فيها".
مخالفة دستورية
وأكد أن " عدم تطبيق قرارات المحكمة الاتحادية الباتة والملزمة يُعدُّ مخالفة للدستور"، مشيراً الى أن " قرارات المحكمة الاتحادية واضحة في مدلولاتها وقطعيتها الحكمية، وبالتالي المحكمة الاتحادية عندما تصدر قرارها يتوجب الالتزام به من جميع الجهات الأخرى السياسية وغيرها".
تنفيذ القرارات
وذكر أن " المحكمة الاتحادية تنطق بقراراتها وعلى الجهات الأخرى تنفيذ القرار، لأن المحكمة الاتحادية لا تقوم بنفسها بتنفيذ القرار، وإنما الجهات الأخرى عليها أن تنفذ القرار وفقاً لما ورد فيه".
وأكد أن "جميع شعوب العالم تنظر الى السلطة التشريعية بالقداسة والاحترام، لما لهذه المؤسسة من قدرة وإمكانية وصلاحيات قادرة بها ومن خلالها على أن تدفع البلاد والعباد أشواطاً للأمام، وعكس ذلك تقودها الى الوراء"، مشيراً الى أن "هذه المؤسسة حملت في كل دول العالم أسماء متعددة منها برلمان أو جمعية وطنية أو مجلس نواب، لكنه مهما تعددت التسميات يظل البرلمان قائداً وموجهاً ومُشرِّعاً ومراقباً وضابطاً لكل فعاليات الدولة ومؤسساتها، حيث يُشرِّع لها ولمواطنيها، ويراقب ويحاسب السلطة التنفيذية ويحترم استقلال السلطة القضائية".
مهام البرلمان
وتابع أن "استخدام البرلمان باتجاه لا يخدم الشعب والوطن فهو انحراف بالعملية الديمقراطية عن مسارها الصحيح، وبالتالي هدم أركان النظام الديمقراطي الذي ركز عليه دستور جمهورية العراق في بناء جميع المؤسسات الديمقراطية على ضوئه بالعراق"، مشدداً على "ضرورة أن يكون البرلمان حاملاً قدسية المهام التي يقوم بها، وتتجسد فيه آمال وطموحات وأهداف الشعب العراقي، وعدم استخدام أي طريق من شأنه بأن يعرقل تحقيق أهداف هذه المؤسسة الدستورية".