اكتشاف طفرات جينية الى "الموت الأسود" الذي استمر في أوروبا لفترة طويلة

اكتشاف طفرات جينية الى "الموت الأسود" الذي استمر في أوروبا لفترة طويلة

+A -A
  • 1-06-2025, 16:32
  • 34 مشاهدة
  • منوعات

بغداد- ميل  

كشف فريق دولي من علماء الحفريات الجينية أدلة على أن أكبر وبائين للطاعون في التاريخ، وهما طاعون العصور الوسطى "الموت الأسود" وطاعون جستنيان، استمرا لفترة أطول مما كان يعتقد سابقا.

ويعود ذلك إلى ظهور طفرات في جينات عائلة pla داخل بكتيريا Yersinia pestis (اليرسينيا الطاعونية)، حيث قللت هذه الطفرات من فتك البكتيريا، لكنها زادت من سرعة انتشارها بين القوارض. وجاءت هذه النتائج في بيان صحفي صادر عن معهد باستور الفرنسي.

وأوضح الباحث خافيير بيزارو-سيردا من المعهد قائلا:

"عندما انخفضت قدرة البكتيريا على إحداث الوفاة، اكتسبت ميزة تنافسية أمام السلالات الأكثر فتكا، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة. يكشف هذا الاكتشاف عن التوازن الدقيق الذي يجب أن يحققه العامل الممرض لضمان انتشاره الفعال بين المضيفين."

قام فريق بحثي دولي بقيادة البروفيسور هيندريك بوينار من جامعة ماكجيل الكندية بهذا الاكتشاف أثناء تحليل الحمض النووي لعشرات السلالات القديمة من بكتيريا اليرسينيا الطاعونية. حيث تم استخراج أجزاء من جينومات هذه البكتيريا من رفات ضحايا طاعون جستنيان والموت الأسود، التي عُثر عليها في مقابر تعود للقرنين السادس والسابع الميلادي في عدة دول أوروبية، بما في ذلك فرنسا وإنجلترا وألمانيا.

ومن خلال تتبع التغيرات في الجينوم البكتيري عبر فترات الوباء المختلفة، لاحظ الباحثون تراجعا في فعالية الجينات من عائلة pla، والتي تلعب دورا محوريا في تكوين الدمامل ومدى فتك العدوى. وقد توصلوا إلى هذه النتائج بعد مقارنة الطفرات الجينية بين الضحايا الأوائل واللاحقين للوباء.

لدراسة التأثير البيولوجي لهذه الطفرات، قام الباحثون بتحليل سلالات حديثة من اليرسينيا الطاعونية المسببة لتفشيات الطاعون في مناطق مختلفة من آسيا. وتمكن الفريق من تحديد ثلاث سلالات تحمل طفرات مشابهة في جينات pla، ثم قاموا بتحليل خصائصها العدوانية من خلال سلسلة من التجارب المعملية على الخلايا والفئران.

كشفت النتائج أن هذه الطفرات تعزز انتشار الطاعون الدبلي بشكل ملحوظ. حيث تؤدي إلى إطالة عمر القوارض المصابة بعدة أيام مقارنة بالسلالات الأصلية، مما يمنح البكتيريا فرصة أكبر للانتشار بين المضيفين. وتزداد هذه الميزة وضوحا في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، حيث تتفوق السلالات المتحورة على السلالات الأكثر فتكا.

هذا الاكتشاف يقدم تفسيرا علميا دقيقا لاستمرار وبائي "الموت الأسود" وطاعون جستنيان لفترات زمنية طويلة بشكل غير مألوف في التاريخ الوبائي. فالتوازن بين الفتك المنخفض نسبيا وقدرة الانتشار العالية مكّن هذه السلالات من البقاء والتوسع جغرافيا بفعالية أكبر.