العراق يتفق رسميًا مع شركة فودافون العالمية لإنشاء شبكة اتصالات الجيل الخامس المملوكة للحكومة
وزير التجارة التركي يكشف حجم التبادل التجاري مع العراق خلال العام الماضي
"ميل" ينشر المقررات الكاملة لجلسة مجلس الوزراء المنعقدة برئاسة السوداني
أولى الفقرات استضافة السوداني.. البرلمان ينشر جدول أعمال جلسة غد الاربعاء
وزير الدفاع يعلق على اوضاع سوريا: حدودنا مغلقة بشكل كامل ولن نتدخل بشأنهم
عين على الشارع واصبع على الزناد .. "النخبة" تتأهّب لحماية سلّة العراق الغذائية
حسن الشنون
بعد ما يقرب من ست سنوات، من إعلان بغداد الانتصار على "داعش" الإرهابي واستعادة الأراضي التي سيطر عليها في صيف 2014، ما يزال الملف الأمني في محافظة ديالى شرقي البلاد، يؤرق أهالي "مدينة البرتقال"، حيث تصاعد العنف بشكل حاد في الأشهر الأخيرة، ما أثار قلق الأهالي والحكومة الاتحادية على السواء.
تصاعد الأحداث الأمنية بدأ مطلع آذار 2023، حينما قتل وأصيب ثمانية مدنيين أثر انفجار عبوة ناسفة على عجلة مدنية تلاها هجوم ناري استهدف المتواجدين في موقع الانفجار بقرية الهزينية شمال شرق بعقوبة، ويأتي هذا التصعيد بعد سلسلة من الأحداث التي شهدتها المحافظة في شباط الماضي. أبرزها مقتل وإصابة 17 مدنياً في قرية الجيايلة شرقي ديالى بالإضافة إلى عمليات اغتيال طالت طبيبًا بارزًا وضابطًا بالجيش العراقي السابق.
على أثر تلك التداعيات الخطيرة، وصل في 8 آذار 2023 رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، محمد السوداني، على رأس وفد عسكري وحكومي، إلى مقر عمليات ديالى لمناقشة ملف القضاء على خلايا داعش الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة والحد من تماديها في تأزيم الوضع الأمني بالمحافظة.
حدد السوداني الموقف الأمني، خلال محادثات ومناقشات وصفت بـ"الصريحة" احتد غيظه فيها، مع القيادات العسكرية، أمهلهم فيها أسبوعين لفرض سلطة القانون، والكشف عن الجناة ووضعهم خلف القضبان.
"أجلسوا في منازلكم ما لم تستطيعوا التصدي للمسؤولية، لا تكونوا سببا في إراقة الدماء، ولا توجد نهايات سائبة"، يقول رئيس الوزراء الذي يؤكد أن "لا أحد فوق القانون ولن نبقى متفرجين على ما يحصل".
القوات الأمنية في ديالى، أطلقت الجمعة 10 آذار، عملية واسعة النطاق لفرض القانون والأمن في المحافظة بمشاركة قوات النخبة التي وصلت من بغداد، في إطار القرارات التي أتخذها القائد العام للقوات المسلحة مؤخرًا.
من المسؤول؟
ما يزال داعش يحتفظ بالخلايا النائمة في مناطق واسعة من العراق ومنها ديالى، ويشن هجمات دموية بشكل متقطع، حسبما يقول عضو مجلس النواب السابق عن ديالى حسام العزاوي.
العزاوي يقول إن "سلسلة جبال حمرين تمتلئ بمضافات التنظيم الإرهابي وتمثل تهديد حقيقي لمحافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك"، مؤكدًا أن "الخلايا التي تمتلك أدوات إجرامية في داخل المدن تقف خلف الخروقات الأمنية في تلك المحافظات ".
وفيما يدافع العزاوي عن قرار الحكومة بإرسال قوات عسكرية إلى ديالى لفرض القانون، لا ينفي وجود عصابات منظمة تنشط داخل المحافظة تهدف إلى زعزعة الاستقرار الأمني فيها واثارة النعرات الطائفية.
ويجزم العزاوي الذي يتوقع نجاح حكومة السوداني في هزيمة العصابات الإرهابية في فترة قصيرة، "من خلال تضافر الجهود، بالقدرة على إرسال رسالة واضحة وقوية إلى أولئك الذين يسعون لتقويض أمن ديالى: لن تنجحوا".
وحث العزاوي القوات الأمنية على معاقبة كل شخص أو جهة تعمل على تغذية العنف والفوضى بالمحافظة. كما طالب بـ"إنشاء مركز عمليات مشتركة بين ديالى وصلاح الدين وكركوك لتبادل المعلومات الاستخبارية وتنفيذ الضربات الاستباقية".
المسؤول الحكومي السابق، يرى أن "توفير الخدمات وفرص العمل وتأهيل البنى التحتية يساهم بشكل كبير في استباب أمن المحافظة لان بقاء الأمر على ما هو عليه يعرض السلم الأمني للخطر مجددًا".
وبعد ثلاثة أيام من انطلاق عمليات فرض القانون في ديالى، أعلنت خلية الإعلام الأمني، اعتقال 199 متهما بمواد قانونية مختلفة بينهم إرهابيين، مؤكدة أنه "تم التركيز على قضايا القتل والنزاعات العشائرية والعنف الطائفي والتهريب والمخدرات".
لا حصانة للمجرمين
في الوقت الذي يربط مسؤولون ومراقبون احداث العنف الأخيرة في ديالى بمحاولات أطراف مستفيدة لإشعال الفتنة الطائفية مجددًا في البلاد، إلا أن عضو لجنة الأمن النيابية علي البلداوي يقول إن "من يراهن على النعرات الطائفية واهم".
البلداوي يرى أن "الكثير من عمليات القتل التي حدثت في ديالى كانت تقف خلفها عصابات داعش أو النزاعات العشائرية بالتالي القوات الأمنية ماضية في عملياتها ببسط الأمن والاستقرار في المحافظة والحد من أعمال العنف فيها واعتقال المتورطين تحت أي مسمى أو عنوان".
الأمن والدفاع البرلمانية تخطط لاستضافة القادة الأمنيين في وزارتي الدفاع والداخلية لمناقشة الوضع الأمني في ديالى والوقوف على أخر المستجدات، بحسب البلداوي.
عضو البرلمان يرى أن "تعاون المواطنين مع القوات الأمنية عامل مهم في استباب الأمن والحد من العنف"، مؤكدًا أن "لجنة الأمن شرعت في تشكيل لجان تحقيقية للكشف عن ما يحصل في ديالى".
وبشأن حماية بعض الكتل السياسية والشخصيات المتنفذة لبعض المجرمين من الاعتقال يقول البلداوي: "لا أحد يحمي المجرمين ومن يقول خلاف ذلك فهو يحاول ادامة العنف والفوضى وزعزعة الوضع الأمني".
الحوادث الأمنية في ديالى تمثلت في عمليات القتل والخطف والتهريب، يقول نائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن قيس المحمداوي، الذي يؤكد أن "توجيهات القائد العام واضحة أي لا خطوط حمراء تحت أي مسمى أو عنوان من سيبعث بأمن المواطن سيتم اعتقاله".
المحمداوي، يقول إن "ديالى تمثل سلة العراق الغذائية بالتالي استقرارها مهم للبلاد وهذا ما تعمل عليه القوات الأمنية عبر ضبط الأمن وحفظ القانون وسط ترحيب كبير من قبل أهالي المحافظة".
بؤر الأزمات
محركات تغذية العنف والاضطراب الأمني في ديالى، يراها الخبير الأمني أحمد الشريفي، خليط من "الإرهاب والجريمة المنظمة، والاحتقان الطائفي"، مؤكدًا أن "ديالى تمثل خاصرة رخوة وبؤرة أزمات أمنية وسياسية".
الشريفي يقول إن "العمليات الاجرامية التي حدثت في ديالى لا يمكن اعتبارها خرق أمني فقط بل هي تداخل بين الأمن والسياسة، إذ هناك قوى سياسية تعمل على خلط الأوراق والفتنة من أجل إشعار الاحتقان الاجتماعي لتمرير غايات وابعاد سياسية".
"إعادة الأوضاع إلى ما كنت عليها في العام 2006 هدف للكثير من العناوين السياسية التي ترى استمرار بقائها مرهون في تأجيج الأزمات الأمنية والاجتماعية"، وفقًا للشريفي.
وتحت وطأة عمليات أمنية مكثفة وشرسة تحظى بغطاءين سياسي وشعبي، لفرض الأمن في ديالى تحاول بعض القوى السياسية ونواب المحافظة الدفع باتجاه ادامة زخم الأزمة عبر التلويح بورقة التدويل، لتأجيج التوتر الطائفي والخطاب المنفعل، الذي يراه الشريفي "امتداداً للاحتقان الاجتماعي".
كثيرًا ما شغل الملف الأمني في ديالى ذات الجغرافية المعقدة، تحديًا شاقًا للحكومات السابقة التي وعدت بحلحلته، وهو اليوم يمثل اختبارًا صعبًا لحكومة السوداني التي ينتظر منها العراقيين تقدمًا ملموسًا على مختلف الصعد.
جميع الحقوق محفوظة (ميل نيوز)