عــراقـنـا

عــراقـنـا

+A -A
  • 22-01-2023, 19:40
  • 198 مشاهدة
  • اراء ومقابلات

كتب .. د. حسن مدن
انتهى دوري خليجي 25 بفوز العراق ونيله الكأس، بعد مباراة جميلة وحافلة بالتشويق مع المنتخب العماني، أبلى فيها الفريقان بلاء حسناً، وكان كل منهما جديراً بالفوز، ولكن القدر شاء أن يكمل فرحة العراقيين المستحقة باستضافة أشقائهم من بلدان الخليج بعد عقود طويلة من الغياب،
فكُتب لهم الفوز، لنشهد تتويجاً رائعاً لتلك الفرحة بالحشود الهائلة التي خرجت إلى شوارع البصرة محتفية، رغم الأحداث المؤسفة التي جرت نهار المباراة، بسبب تدافع الجمهور على الملعب الذي أقيمت فيه بغية ضمان أماكن لهم في مدرجاته لمتابعة المباراة.
حتى في هذا التدافع من الجمهور علينا أن نرى تعبيراً عن شوق العراقيين، وتوقهم لفسحات فرح، أمّنتها لهم استضافة البصرة لهذه النسخة من الدوري الخليجي، ومِن أبلغ ما شاهدته في التعبير عن هذا الشعور حديث مصوّر لسيدة عراقية بسيطة، قالت فيه ما معناه: «هذه أول مرة نفرح فيها، حياتنا كلها كانت حزناً وسواداً»، وفي كلماتها البسيطة، العفوية، والمؤثرة كانت هذه المرأة لسان حال كل العراقيين الذين تكالبت على وطنهم الغالي الحروب والمحن والفتن، أقصي، في نتيجتها، العراق عن حضنه العربي، وعن محيطه الخليجي الذي هو جزء منه.
هي المفارقة في أن الرياضة حققت خلال أيام معدودات ما عجزت السياسة وحساباتها المغرضة أن تحققه خلال عقود، فعشنا جميعاً، نحن أهل الخليج وأهل العراق، أجواء أعادت، ولو من الناحية الوجدانية والعاطفية والإنسانية، عراقنا الغائب عنا إلينا، وأعادتنا إليه، فلمسنا في بهجة العراقيين عامة، وأهل البصرة خاصة، وهي النافذة العراقية الأقرب إلى الخليج، توقهم إلى القرب الأخوي الذي افتقدوه مع أشقائهم.
العراق، كدولة وكمجتمع وكثقافة وحضارة، لا يعني شعوب الخليج وحدها، وإنما يعني كل الشعوب العربية من دون استثناء، فهو ركن قوي، لو قيّض له التحرر من القيود التي كبّل بها، من أركان منظومة الأمن العربي في مواجهة التحديّات المصيرية التي نعلم، ولا يمكن النظر إلى المشهد الثقافي والفكري والإبداعي العربي من دون الوقوف عند مكانة العراق ومبدعيه ومفكريه في صنع وتطوير هذه الثقافة والارتقاء بها إلى أعلى المدارج، كيف لا وهو صاحب الريادة في أكثر من حقل ثقافي وجنس أدبي وأفق فني، في الموسيقى والتشكيل والمسرح وسواها.


نبارك للعراق فوزه، ونشاطر أشقاءنا العراقيين بهجتهم، وغبطتنا بأجواء السعادة والأخوّة التي عشناها معكم، فعراقكم هو عراقنا أيضاً.