"فولغا".. إرث روسي ترك "بعيرة" امتطاها العراقيون وأسرت قلوبهم

"فولغا".. إرث روسي ترك "بعيرة" امتطاها العراقيون وأسرت قلوبهم

+A -A
  • 29-07-2023, 13:32
  • 1 004 مشاهدة
  • اراء ومقابلات

علاء كولي

بينما يتدفق نهر "فولغا" الكبير في روسيا، يعلق أسمه في ذاكرة العراقيين الذين لا ينسون سيارة اقترنت باسمه وجابت طرق العراق منذ عقود طويلة، ورغم أفول عصرها ثمة محبين لا ينفكون عن التعلق بها. 


"الفولغا" تسمى في العراق قديماً بـ"البعيرة" لشبه طرازاتها بحيوان الجمل، تستحوذ على حب أبو علي ذو الـ(67) عاماً، وهو لا يستطيع فراقها رغم إصابته بالمرض ومازال يواضب على قيادتها التي اعتاد عليها من نحو 40 عاماً.  


ويقول أبو علي في حديث لـ"ميل"، إنه قاد سيارة الفولكا أول مرة في العام 1979، ومستمر بالعمل سائق أجرة فيها، معتبرا "الفولغا كل شيء بالنسبة له، ويعدها أحد أفراد عائلته والمعيل الاساسي له ورافقته في الكثير من المواقف في عهد النظام السابق وصولا إلى الوقت الراهن". 


أبو علي يستعرض تاريخ سيارة "الفولغا"، موضحا أن حقبة السبعينيات كانت "فترة الإزدهار لها، ولم يركبها الا الشخصيات المرموقة، ولاحقا أصبحت تنقل جثامين شهداء الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات"، مبينا أن "الناس انذاك بدأوا ينظرون لها جالبة للموت، أما في التسعينيات أعانت المواطنين في فترة الحصار بعد تحوير العديد من اجزائها". 


وما تزال هذه الفئة من السيارات تجوب الشوارع، وبشكل ملحوظ في مدينتي الشطرة وسوق الشيوخ في محافظة ذي قار. 


و"الفولغا" هي سيارة صالون بدفع خلفي تمتلك شعبية في روسيا لا سيما بين الأجهزة الحكومية في السبعينات والثمانينات لكونها واحدة من أقوى السيارات اعتمادية وتحملًا ورمزًا من رموز الاتحاد السوفيتي، واستوردها العراق بكثافة خلال الستينيات بعد ميله للمعسكر الاشتراكي.


فترة الرخاء


يقول الكاتب مصطفى عبيد لـ"ميل"، إن "سيارات الفولغا انتشرت في أغلب المدن العراقية خلال فترة الرخاء الاقتصادي في سبعينيات القرن المنصرم، وبمرور الأيام، لكنها أنحسرت وبقيت تعمل الى اليوم في عدد من مدن ذي قار لعل أبرزها الشطرة وسوق الشيوخ بشكل خاص"، موضحا أن ذلك "يعود إلى الارث الشيوعي والاشتراكي الذي ظهر في تلك المدن وارتباط تلك السيارات بالأفكار الماركسية التي اعتنقها الكثيرون في مدن جنوب العراق آنداك". 


ويشير عبيد إلى أن "الفولغا كانت السيارة المفضلة لدى شيوخ العشائر والوجهاء وكبار الموظفين والقضاة كونها قوية وتعمر طويلا وكانت تصل الى العراق بنفس المواصفات التي تصنع للمواطنين الروس داخل بلادهم".  


وتنسب السيارة الى "الفولغا" وهو أطول أنهار روسيا، وعادة مايتجمد في فصل الشتاء، وصنعت بلا تبريد، الا أن الميكانيكيين العراقيين أجروا تعديلات عليها وزودها بمكيف هواء لمقاومة درجات الحرارة المرتفعة في الصيف.  


أما هاشم الشيخ وهو سائق قديم يقول لـ"ميل"، إن "سيارات الفولغا كانت سيدة  الشارع في حقبة السبعينيات، وكان الناس يعشقونها بسبب متانتها وقلة اعطالها وتحملها لوعورة الطرق في العديد من المناطق حينها". 


ذاكرة حزينة


يضيف الشيخ، أن "الفولغا اقترنت بذكريات حزينة في الثمانينات، كونها كانت تحمل بجنازات ضحيا الحرب، وكانت قلوبنا تنقبض حينما تدخل وهي تحمل جنازة شهيد". 


ولا توج احصائية كاملة عن حجم واعداد السيارات الفولغا في العراق، لكنها دخلت بالمئات وتوقفت خلال حقبة الثمانينات ثم عادت مرة اخرى للظهور في التسعينات وقبيل العام 2003.


جدير بالذكر ماركة "فولغا" للسيارات تعد الأقدم في روسيا، حيث تأسست إبان العصر القيصري ثم ذاعت شهرتها إبان العهد السوفياتي وتميزت طرازاتها آنذاك بتقنيات متقدمة نافست السيارات الغربية ولكن كان انتشار سيارات فولغا محصورا في دول أوروبا الشرقية وغيرها من دول الكتلة الاشتراكية آنذاك، وأعبد انتاجها في روسيا الاتحادية وفق طرازات حديثة بعد دخولها بشراكة مع شركة "رينو" الفرنسية التي اشترت 25% من أسهم شركة "جاز" المصنعة لماركة "فولغا".