السدود الجوفية.. طوق نجاة لمواجهة شح المياه هل ستنفذ في العراق والمنطقة؟
بغداد- ميل
إزمير/ عادل فاخر
تسعى جميع دول العالم وخاصة دول الشرق الأوسط إلى توفير المياه لدعم الأنشطة الزراعية والصناعية وتوفير مياه الشرب في ظل تغيرات المناخ وشحة المياه التي تعاني منها دول المنطقة، خاصة العراق والأردن ولبنان وسوريا، فيما تسعى دول المنطقة للاستفادة من تجارب بعض الدول في توفير المياه من خلال إنشاء سدود بديلة ومنها السدود الجوفية والتي اعتمدتها تركيا على الرغم من أنها دولة منبع.
وفي ظل تلك التحديات وفي إطار الإطلاع على تلك التجارب وبدعم من مبادرة السلام الأزرق إطلع عدد من ممثلي بعض دول الشرق الأوسط وخبراء في مجال المياه على تجربة السدود الجوفية، والبصمة المائية التي تمثل الواقع المائي.
نجاح التجربة
يؤكد مستشار رئيس الجمهورية العراقية لشؤون المياه محمد أمين فارس الذي حضر النشاط والإطلاع على التجربة التركية في إزمير أن التجربة ناجحة وهي نفذت فعلا في بعض مناطق كردستان العراق، وكذلك بعض مناطق الجنوب والوسط، مبينا أنها تعتمد بالدرجة الأساس على طوبوغرافية الأرض وتوفر مياه الأمطار، خاصة وأن الآلية تتمثل بجمع المياه لتغذية الطبقات الأرضية.
وعن إمكانية تجربة إنشاء سدود جوفية في مناطق وسط وجنوب العراق على غرار التجربة التركية، يبين معاون مدير عام هيئة السدود في وزارة الموارد المائية العراقية ليث عبد الستار، أن نجاح التجربة مرهون بوفرة المياه، ونوعيتها والتربة المناسبة، منوها الى أن التجربة أثبتت نجاحها مع توفر الشروط المطلوبة.
البصمة المائية
وعن طبيعة البصمة المائية التي تعد من أهم الوسائل التي تدفع المستهلك لإعادة النظر والتدقيق في مفهوم الترشيد وفكرته من طريق معرفة المحتوى المائي الافتراضي لمختلف السلع والخدمات، يبين وكيل وزارة المياه الأردنية خبير المياه جهاد المحاميد، أن البصمة المائية توفر المياه وتمنع ذهابها إلى البحر، والاستفادة من خزنها في المياه الجوفية، مبينا أن العراق على سبيل المثال لايحتاج إلى بناء سد على شط العرب.
وأشار المحاميد إلى أن خزن المياه في المياه الجوفية تتطلب شروط معينة منها التأكد من طبيعة المياه إذ ينبغي أن تكون جوفية.
وتهدف مبادرة البصمة المائية إلى قياس البصمة المائية للإنتاج والاستهلاك والتجارة في منطقة الشرق الأوسط.
ولا يكتفي هذا التقييم بتحديد الاستخدام المباشر للمياه عبر القطاعات الزراعية والصناعية والمنزلية فحسب، بل يدرس أيضًا ديناميكيات تجارة المياه الافتراضية، مما يكشف مدى اعتماد المنطقة على المياه الخارجية.
ومن جهتها تبين خبيرة السدود مها رشيد، أن البصمة المائية هي عبارة عن مرور المياه قرب الأنهر وليس قرب البحيرات، خاصة وأن العراق عادة مايشهد إرتفاع في درجات الحرارة.
وتعاني منطقة الشرق الأوسط من ضغوط مائية كبيرة، تفاقمت بسبب مناخها الجاف والنمو السكاني السريع، والتوترات الجيوسياسية المستمرة. تعد الإدارة المستدامة للمياه أمراً حيوياً لمواجهة التحديات في مجال الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.
مبادرة السلام الأزرق
يؤكد المستشار الإقليمي في مجال التعاون في قطاع المياه في السفارة السويسرية للأردن والعراق المهندس مفلح العلاوين، أن مبادرة السلام الأزرق هي مبادرة إقليمية تغطي ست دول في منطقة الشرق الأوسط، وهي الأردن ولبنان والعراق وإيران وسوريا وتركيا، تهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة في مجال التعاون لتبادل المعرفة والخبرات في قطاع المياه، من أجل التنمية المستدامة وخلق أنواع من أرضية للتفاهم بين هذه الدول لحل المشاكل المتعلقة بإدارة المياه، خصوصًا في المنطقة التي تعاني من شح في مصادر المياه.
ويوضح العلاوين، أن المبادرة بدأت ببناء القدرات في هذا الشأن، بالإضافة إلى إجراء دراسات وتقديم الأدلة بحيث يكون هناك اتفاق وتفاهم على هذا النطاق، لبعض الحلول الفنية التي تساهم في هذا الجانب، منوها الى ان هناك بعض الدراسات العملية على أرض الواقع، بالإضافة إلى الزيارات العلمية، لتبادل الخبرات والمعرفة، وتسهيل التواصل بين هذه الدول، لتطبيق هذه الحلول في الأماكن المناسبة لها في الدول الأخرى. كذلك، هناك برامج تعليمية بهذا الخصوص، وسيتم خلال هذه المرحلة إقامة سلسلة من الدورات التدريبية، بالإضافة إلى الأبحاث على أرض الواقع لاختيار مناطق معينة مشتركة بين هذه الدول، لتقديم معرفة ومعلومات، وإيجاد نوع من الأرضية المشتركة للحوار والتفاهم على إدارة مصادر المياه.
وفي السياق توضح رئيسة لجنة الإدارة في مبادرة السلام الأزرق والخبيرة البيئية ميسون الزعبي، أن إجتماع إزمير يمثل فرصة استثنائية لتبادل المعرفة وتطبيق تقنيات إدارة المياه الرائدة خلال زيارة المواقع المقررة.
وتؤكد الزعبي، أن تلك الرحلات ليست تعليمية فحسب، بل هي محورية لفهم الآثار العملية لمناقشاتنا حول إدارة المياه وكفاءتها، بهدف تشجيع تبادل المعرفة وعرض الحلول المبتكرة لتحديات المياه المشتركة.
جدير بالذكر أن اتفاقية المياه العالمية تؤكد الحاجة الماسة إلى إدارة متكاملة للموارد المائية في الشرق الأوسط، خاصة وأن معالجة التحديات البارزة من خلال التوصيات المستهدفة يمكن أن يعزز القدرة الإقليمية على الصمود، وضمان الاستخدام المستدام للمياه والأمن الغذائي، وسط الضغوط البيئية والجيوسياسية المتزايدة.
جميع الحقوق محفوظة (ميل نيوز)