كيف انتعشت مهنة عمال التوصيل في العراق خلال كورونا؟

كيف انتعشت مهنة عمال التوصيل في العراق خلال كورونا؟

+A -A
  • 18-09-2022, 14:05
  • 256 مشاهدة
  • محليات

بغداد- ميل  


منذ ظهور أول حالة إصابة بكوفيد -19 في العراق في أواخر شباط 2020، واستمرار حالات الإصابة خلال الصيف، كافحت الدولة العراقية للتعامل مع النمو الاقتصادي الراكد، والاضطرابات السياسية، وانقسام الرأي العام. وعلى الرغم من المحاولات المبكرة لإبطاء انتشار الفيروس، إلا ان العلاقة المتوترة بين الشعب العراقي وحكومته عززت انتشار الوباء في البلاد.


وفي ذروة انتشار وباء كرورنا سيما في عام 2021 كشفت بيانات رسمية ارتفاع معدلات البطالة في العراق إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود، حيث أشارت آخر الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي إلى أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991  على خلفية توقف عشرات آلاف الوظائف بسبب حظر التجول والإجراءات المتعلقة بمواجهة فيروس كورونا، فضلاً عن لجوء شركات وقطاعات مختلفة في البلاد إلى تقليص عدد العاملين لديها إلى نسب قياسية بسبب خسائر لحقت بها، تضاف إلى ذلك الاقتطاعات الواسعة من الأجور التي طاولت عدداً كبيراً من المهن فتوقف بعضها عن العمل وعانت آخرى من السلبيات الى غاية الآن.


لكن هناك من كافح وصمد في وجه الجائحة وابتكر تدابير ساعدته في تخفيف اعباء الأزمة الاقتصادية في زمن كورونا.


خدمة التوصيل في العراق


انتعشت خدمة توصيل إلى المنازل في العراق خلال فترة تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، الأمر الذي يساهم في توفير فرص عمل في البلاد، وتخفيف اضرار اصحاب المحل جراء إغلاق محالهم التجارية.


 يتحدث عبدالرحمن محمد وهو صاحب مطعم فتوش في منطقة المحمودية جنوب العاصمة بغداد:" ان جائحة كورونا لها ايجابيات كما لها سلبيات فمن ايجابياتها على اصحاب المحال التجارية واغلب المطاعم انها سمحت بتطوير عملهم، بل ومضاعفة اجورهم لمن له عقل تجاري وقادر على تطوير عمله".


ويضيف:" الكثير من الناس امتنعت عن الذهاب إلى المطاعم خوفاً من الإصابة بكورونا، لذلك اضطرت معظم المطاعم والمحال  التجارية إلى إنشاء صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي حتى يتمكن الناس من طلب الطعام  وحتى المواد الغذائية وغيرها عبر الإنترنت وفي ذات الوقت يضمنون بنسبة كبيرة عدم الاختلاط".


وتابع محمد: " كانت خدمة التوصيل إلى المنازل مفيدة للأشخاص  المحجورين في المنازل من المصابين بفيروس كورونا لمساعدتهم في الحصول على طعامهم دون مغادرة منازلهم".


ويسترسل قائلاً " نحن كإدارة مطعم شددنا على الإجراءات الوقائية لعمال التوصيل والطباخين من ارتداء الكمامات والقفازات الطبية وترك الطعام على الابواب واستلام النقود من بعيد لتجنب الإصابة". 


كورونا خلقت فرص عمل

يقول احمد السعدي (26عاماً) وهو سائق دراجة يقوم بتوصيل الطعام، :"لم يكن لدي عمل قبل انشار كورونا، الا انها خلقت لي فرصة عمل في إحدى المطاعم في منطقة الحرية ببغداد بعد ان تجنب اكثر الناس الاختلاط ومكثوا في منازلهم".

ويضيف:" لاحظت اقبالاً كبيراً على طلب الطعام من المطاعم عبر خدمات التوصيل بعد زيادة الجائحة، كان مرتبي يسد حاجتي واوفر منه بعض المال الذي ساعدني في شراء (تك تك) اتجول بها احياناً وانقل الناس بين المناطق بأجرة رمزية".


نتيجة لهذه الطفرة في خدمة توصيل الطعام عبر الإنترنت خلال فترة تفشي جائحة كورونا، بات على أصحاب المطاعم اتباع أحدث الطرق لكي يكونوا قادرين على المنافسة، ومن أجل كسب رضا الزبائن وتقديم أفضل خدمة لهم وتسليم طلبات الطعام بأسرع وقت ممكن، لجأ أصحاب المطاعم إلى استئجار سائقي دراجات نارية مجهزة بأكياس توصيل الطعام وأحيانا صناديق عازلة للحرارة.


في هذا الشأن يقول مؤيد حسين، صاحب مطعم للوجبات السريعة في منطقة الشرطة الخامسة ببغداد:" قبل الجائحة لم أكن مهتماً كثيراً في خدمة التوصيل للمطعم، كان لدي سائق واحد لا تزيد طلبات توصيله عن 3 او 4 يومياً على الاكثر، لكن بعد انتشار الجائحة اصبحت مهتماً جداً بخدمة التوصيل سيما وان اكثر العوائل امتنعت عن الاختلاط  واصبح التوصيل هو الحل الوحيد للحصول على الطعام الجاهز".


ويتابع حسين:" ازداد طلبات توصيل الطعام للمنازل واصبح لدي 4 سائقين للدرجات النارية مجهزة بصناديق عازلة للحرارة  للحفاظ على حرارة الطعام لاطول فترة ممكنة، كي ننافس المحال التجارية الآخرى".


ويضيف قائلاً:" كل سائقي الدرجات الموجودين في المطعم كانوا عاطلين عن العمل وساعدتهم كورونا في ايجاد فرص عمل لهم".


ويشدد على التزام كادر مطعمه وسائقي الدرجات النارية لديه بـ "إجراءات الحماية الصحية مثل ارتداء الكمامات والقفازات، وتعقيم جميع الأواني والطاولات، وكل شيء لضمان بيئة عمل نظيفة، بالإضافة إلى طعام نظيف وصحي للزبائن".


"لا اثق بالطعام الدليفري"


ومع ذلك، فإن بعض الأشخاص لا يثقون في أن الطعام المطلوب عبر صفحات التواصل الاجتماعي معقم بدرجة كافية، وفي أن عمال التوصيل قد لا يطبقون إجراءات التعقيم المطلوبة.


وقال حيدر نعمان، وهو موظف حكومي :" لا اثق بنظافة الطعام وتعقيم الأدوات، التي يستخدمها العمال، لا احد يستطيع ان يضمن ما يجري خلف جدران المطاعم، لذلك أفضل الابتعاد عن خدمة توصيل الطعام أثناء فترة الوباء، وان اعد الطعام بنفسي حتى لو يكلفني الامر ان اخرج للسوق واتبضع مواد الطعام واختارها بنفسي مع التزامي بإرتداء القفازات الطبية والكمامات".


على عكسه يعتقد رياض جاسم البالغ من العمر (27 عاما) أن طلب الطعام عبر الإنترنت واستخدام خدمة توصيل الطعام من الأمور الجيدة لأنها تقلل الوقت وتوفر التكاليف ومتاعب الانتقال إلى المطاعم، وتحافظ على التباعد الاجتماعي خلال فترة تفشي جائحة كورونا.


وقال جاسم إن:" خدمة التوصيل أفضل طريقة لتقليل خطر الإصابة بفيروس كورونا لأنني لن أضطر للاختلاط".


وتابع: " توفر لي مواقع المطاعم الالكتروني وخدمة التوصيل   التحقق من قوائم الطعام واسعارها دون عناء الانتقال إلى كل المطاعم الواحد تلو الاخر"، مضيفاً:" اثناء اصابتي كانت كل حاجاتي تأتي عن طريق التوصيل منها المواد الغذائية والفواكه يتركها اصحاب التوصيل عند منزلي واترك لهم النقود بعيدا وابلغهم بتعقيمها وقد جنبتني والآخرين من الاختلاط وخطر اصابتهم بالفيروس".


يذكر ان ومنذ تسجيل أول إصابة بمرض فيروس كورونا في العراق، اتخذت السلطات، كما هو الحال في معظم دول العالم، إجراءات وقائية وقيود على مراحل لمواجهة تفشي المرض في البلاد منها فرض حظر تجوال كلي امتد لأسابيع طويلة، لكن بعد انخفاض نسبة الاصابات خففت الاجراءات الوقائية لتصل الى حظر تجوال جزئي في العام الماضي مع الاستمرار بغلق جميع المرافق السياحية والعامة، لكنها سمحت للمطاعم بالعمل على توصيل الطعام فقط بشرط التزام أصحاب المطاعم بالإجراءات الوقائية داخل المطعم، وهي لبس الكمامة والقفازات الطبية.