علماء يطورون أداة لـ"إعادة الزمن"

علماء يطورون أداة لـ"إعادة الزمن"

+A -A
  • اليوم, 09:44
  • 38 مشاهدة
  • منوعات

بغداد- ميل  

نجح فريق بحثي من الأكاديمية النمساوية للعلوم وجامعة فيينا في تحقيق إنجاز علمي غير مسبوق يتمثل في تطوير بروتوكول يسمح بعكس الزمن على المستوى الكمي، بدقة تجاوزت 95%، وهو ما قد يفتح الباب أمام ثورة في مجال الحوسبة الكمية وتصحيح الأخطاء فيها.

الدراسة التي نُشرت في مجلة Optica أوضحت أن الفريق استطاع إعادة الجسيمات الكمية إلى حالتها السابقة دون الحاجة لمعرفة تفاصيل ديناميكيتها الداخلية، في سابقة تُظهر الإمكانات الواسعة لقوانين فيزياء الكم. فبينما يفرض القانون الثاني للديناميكا الحرارية في الفيزياء الكلاسيكية أن الزمن يسير دائماً إلى الأمام، فإن العالم الكمي يتيح إمكانية عكس مساره إذا ما توافرت السيطرة الكاملة على النظام.

وقاد البحث العالمان ميغيل نافاسكويز وفيليب فالتر، اللذان اعتمدا على خاصية "عدم التبادلية" لعوامل الكم لتطوير بروتوكول يقوم بدور "زر إعادة الزمن". وقد استخدم الفريق جهازاً يُعرف بـ "المفتاح الكمي"، يسمح للفوتون باتباع مسارين مختلفين في آن واحد. ومن خلال التحكم في التداخل بين هذه المسارات، تمكن العلماء من إعادة الفوتون إلى حالته الأولى، دون الحاجة لمعرفة حالته الابتدائية أو طبيعة تطوره الزمني.

وخلال ثلاثة أسابيع من التجارب، نفذ الباحثون أكثر من 1800 محاولة شملت 50 توليفة مختلفة من التطورات، وأربع حالات ابتدائية، وثلاثة أطوال زمنية، وحافظت النتائج على دقة تخطت 93% وبلغت أحياناً 97%، متفوقة بشكل كبير على أي استراتيجية كلاسيكية معروفة.

ويؤكد العلماء أن ما تحقق لا يعني السفر عبر الزمن كما تصوره أفلام الخيال العلمي، إذ يقدّرون أن عكس ثانية واحدة فقط من "المعلومات الكمية" الخاصة بإنسان سيستغرق ملايين السنين. إلا أن القيمة الحقيقية للتجربة تكمن في إمكانية توظيفها في مجال تصحيح الأخطاء بالحواسيب الكمية. فالمعالجات الكمية تتعرض بشكل مستمر لتشويشات تؤدي إلى فساد البيانات، ووجود آلية موثوقة لـ"إعادة الزمن" قد يتيح استرجاع الحالة السليمة للنظام قبل تفاقم الخطأ.

ويتميز البروتوكول أيضاً بأنه يعمل في الزمن الحقيقي، إذ إن عكس ثانية من التطور الكمي يستغرق ثانية واحدة فقط، بخلاف الطرق السابقة التي كانت تحتاج إلى ثلاثة أضعاف المدة مع نسب نجاح أقل.

ويرى الباحثون أن تطبيق هذه التقنية لا يقتصر على الفوتونات، بل يمكن تطويرها لتشمل الذرات الباردة أو الأيونات المحصورة أو منصات كمومية أخرى، مع إمكانية تصغير الأجهزة المستخدمة ورفع كفاءتها مع تطور تقنيات الفوتونات المدمجة. كما يخطط الفريق لاختبار قدرات إضافية مثل "تقديم الزمن" الكمي، بما يمهد الطريق لدمج هذه الابتكارات مستقبلاً في الحواسيب الكمية العملية.

وبهذا الإنجاز، تكون النمسا قد وضعت بصمتها في واحد من أكثر المجالات العلمية تقدماً، مؤكدة أن استغلال قوانين الكم قد يحول يوماً ما فكرة التحكم بالزمن من تجربة مختبرية إلى أداة أساسية في التكنولوجيا المستقبلية.