علماء يطورون "أدمغة بشرية" لتشغيل الحواسيب

علماء يطورون "أدمغة بشرية" لتشغيل الحواسيب

+A -A
  • اليوم, 11:45
  • 31 مشاهدة
  • منوعات

بغداد- ميل  

نجح فريق من العلماء في سويسرا في تطوير "أدمغة بشرية مصغّرة" داخل المختبر بهدف استخدامها لتشغيل الحواسيب، فيما يُعرف بـ"الحوسبة الحيوية"، وهو مجال ناشئ يسعى إلى دمج الخلايا الحية في بنية الحواسيب المستقبلية.

الفريق البحثي في مختبر FinalSpark بمدينة فيفيه السويسرية، بقيادة الدكتور فريد جوردان، يعمل على إنشاء خوادم "حية" تعتمد على خلايا عصبية بشرية تُنمّى في المختبر وتُعرف باسم الأورغنويدات. هذه الخوادم الحيوية، وفق الباحثين، قد تحاكي طريقة تعلم الذكاء الاصطناعي مع استهلاك جزء بسيط فقط من الطاقة التي تحتاجها الأنظمة التقليدية.

وتبدأ العملية باستخدام خلايا جذعية مأخوذة من خلايا جلد بشرية، يتم تطويرها لتتحول إلى خلايا عصبية تتجمع في كتل صغيرة. وبعد عدة أشهر من النمو، تُوصَل هذه الأورغنويدات بأقطاب كهربائية لتبدأ في الاستجابة لإشارات بسيطة، في خطوة أولى نحو تحويلها إلى وحدات معالجة بيولوجية.

ويصف العلماء هذه التقنية الجديدة بمصطلح "البرمجيات الرطبةفي إشارة إلى كونها مزيجاً من المادة الحية والتكنولوجيا.

وتُظهر التجارب الأولية أن هذه "الأدمغة المصغّرة" قادرة على إرسال واستقبال إشارات كهربائية وتوليد نشاط عصبي بسيط عند تحفيزها، وإن كان العلماء ما زالوا بعيدين عن فهم كامل لطبيعة هذا النشاط وآلياته. الهدف النهائي هو تدريب هذه الخلايا على التعلم والتكيف مع المهام، على غرار كيفية عمل الشبكات العصبية في الذكاء الاصطناعي.

لكن هذا المجال يواجه تحديات كبيرة، أبرزها كيفية إبقاء هذه الحواسيب الحيوية "حية" لفترات طويلة. فالأورغنويدات لا تمتلك أوعية دموية كما هو الحال في الدماغ البشري، ما يجعل تزويدها بالغذاء والأكسجين تحدياً مستمراً. وقد تمكن فريق FinalSpark من إبقائها على قيد الحياة لمدة تصل إلى أربعة أشهر، إلا أن موتها يرافقه أحياناً نشاط كهربائي مفاجئ يشبه ما يحدث في أدمغة البشر قبيل الوفاة.

ولا يقتصر الاهتمام بالحوسبة الحيوية على سويسرا. ففي أستراليا، نجحت شركة Cortical Labs في جعل خلايا عصبية تلعب لعبة "Pong"، بينما يعمل باحثون في جامعة جونز هوبكنز الأمريكية على استخدام "الأدمغة المصغّرة" لدراسة أمراض مثل الزهايمر والتوحد.

ويرى الخبراء أن هذه التكنولوجيا لن تحل محل رقائق السيليكون التقليدية، بل ستكملها وتفتح آفاقاً جديدة في مجالات مثل تطوير الأدوية وتقليل استخدام الحيوانات في الأبحاث. ويقول البروفيسور سيمون شولتز من "إمبريال كوليدج لندن": "لن تتفوق الحوسبة الحيوية على السيليكون في كل شيء، لكنها ستجد مكانها المتخصص".

ورغم التحديات، يصف الدكتور جوردان العمل في هذا المجال بأنه تحقيق لحلم طفولته: "لطالما أحببت الخيال العلمي، واليوم أشعر أنني أعيش داخل قصته وأكتب فصولها."

تفتح "الأدمغة المصغّرة" الباب أمام جيل جديد من الحواسيب التي تجمع بين التكنولوجيا والحياة، وقد تغيّر شكل الذكاء الاصطناعي والحوسبة في المستقبل القريب.