"درع" يسبق الرصاص .. المواجهة العسكرية في العراق تحسمها "صقور" وبرامج رقمية

"درع" يسبق الرصاص .. المواجهة العسكرية في العراق تحسمها "صقور" وبرامج رقمية

+A -A
  • 28-05-2023, 15:50
  • 188 مشاهدة
  • أمن / اراء ومقابلات

حسن الشنون


ما كان للانخفاض الملحوظ في العمليات العسكرية التي كان يتبناها تنظيم داعش الارهابي خلال الأشهر الأولى من العام 2023 أن يكون، لولا طبيعة الإجراءات الأمنية والاستخبارية التي تنفذها القوات المسلحة العراقية ونجاحها في محاربته، فضلاً عن عمليات البحث والتفتيش التي أضعفت التنظيم وجففت منابع تمويله.


فبعدما بدأت القوات العراقية في العام 2014 هجومها لاستعادة المدن التي فرض داعش سيطرته عليها وفقاً لتحرك عسكري واستخباري، أصبحت بحكم الواقع. الهزيمة الأكبر لتنظيم "داعش" الإرهابي منذ سيطرته على مدن العراق الغربية وبعض المدن الشمالية، بعد معارك ضارية استمرت لثلاث سنوات متعددة تناثرت جثث الجماعات الإرهابية في المناطق التي خاضت فيها القوات الأمنية معاركها.


وبعد تحرير المدن العراقية في العام 2017، وخسارة التنظيم المتشدد للمحافظات التي سيطر عليها سنوات عدة، وفشله في استمرار زخم المعارك، انخفضت هجمات  تنظيم داعش، بشكل ملحوظ لكنه يلجأ في بعض الأحيان لتنفيذ هجمات انتحارية وعمليات خاطفة تعتمد على عصابات الخلايا النائمة في بعض المحافظات، كما جرى ذلك في محافظتي ديالى وكركوك، لكن حتى تلك المحاولات فشلت هي الأخرى بسبب الضربات الموجعة التي وجهت اليهم في مختلف قواطع العمليات.


عمليات عسكرية أكدت قدرة القوات الأمنية وامكانياتها في النيل من العصابات الإرهابية، وتحديد الأهداف المهمة لخلايا الإرهاب الداعشية، خسر خلالها التنظيم المتطرف أهم قادته، وفقا للقيادات الأمنية العراقية


وفي متابعة لأنشطة تنظيم داعش الإرهابي من قبل قوات التحالف الدولي للفترة التي شملت شهر رمضان، أعلن قائد قوات التحالف الميجر جنرال ماثيرو مكفارلين في 25 نيسان 2023، عن انخفاض كبير في الهجمات الإرهابية، مؤكدًا أن شهر رمضان من أكثر الأشهر هدوءًا منذ سنوات.


وبحسب القادة الأمريكيين، فإن "غياب الأعمال الإرهابية خلال شهر رمضان والانحدار التدريجي والكبير في قدرة التنظيم على تنفيذ العمليات الإرهابية، يعكس توجها نحو وقوعه تحت الانهيار النهائي".


واظهرت البيانات التي كشف عنها القادة الأمريكيون، إن تنظيم داعش الإرهابي نفذ تسعة عشر عملية في العراق فقط خلال رمضان هذا العام، بنسبة انخفاض بلغت 80% عن عملياته خلال رمضان العام الماضي.


رؤية التحالف الدولي، تأتي متطابقة مع ما طرحه رئيس الوزراء العراقي القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، من تراجع ملحوظ في الهجمات التي عادة ما ينفذها التنظيم الإرهابي ضمن ما يسمى بغزوات رمضان، وقدرة عسكرية عراقية متطورة في مواجهة الإرهابيين.


تدمير داعش ضمان لاستقرار المنطقة


"تجفيف منابع الإرهاب في العراق لضمان استقرار المنطقة"، ضرورة ملموسة يجدها عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ياسر اسكندر وتوت حقيقة لابد من الركون اليها، داعياً "جميع دول المنطقة الى التعاون في مواجهة الفكر المتطرف والجماعات الإجرامية".


وتوت الذي يرى في "تطوير البرامج الرقمية وسيلة مهمة لمكافحة التطرف ومنع انتشاره بين عامة الناس"، يعتقد أن "اطلاق تلك حملات التقنية دعاية مضادة في التجمعات الشبابية والمناطق الأكثر عرضة للارهاب من شأنها أن تشكل درعا ضد خطط تجنيد الإرهابيين".


وحول امكانية عودة داعش للواجهة من جديد يقول عضو اللجنة النيابية إن "خلافة داعش المزعومة في العراق انتهت مع انطلاق العمليات العسكرية نحو الموصل في العام 2016، واستعادة جميع الأراضي العراقية حتى إعلان النصر في عام 2017"، مشيدا "بجهود القوات الامنية التي تعالج بين الفينة والاخرى خلايا نائمة مهمتها نشر الرعب والخوف في صفوف المواطنين".


وليس هذا فحسب، فقد أسهمت معالجة الانقسامات السياسية المجتمعية والاقتصادية في البلاد بلعب دور كبير في منع تنامي قدرات داعش في البلاد، وجعله يتموضع في مناطق معينة، الأمر الذي يجده النائب عاملاً مساعداً في دحر ومحاربة الجماعات المسلحة. 


قناعات سياسية تتفق مع ما طرحه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال ملتقى السليمانية السابع في 15 آذار 2023 من إن "النعرات المشوهة لوحدة العراق، التي ترى أن قوة جزء من أجزائه هي بإضعاف الحكومة الاتحادية أو بإضعاف المكونات الأخرى في البلاد، كانت مدخلاً لعصابات داعش الإرهابية للانقضاض على قلب الدولة، مهدداً جميع المكونات من دون استثناء".


عمليات البحث والتفتيش اضعفت التنظيم


وفي إطار استمرار خطة فرض القانون في أنحاء مختلفة من المدن العراقية، تنفذ القوات العراقية عمليات متفرقة لتمشيط وتفتيش عن عناصر وقيادات في داعش ما تزال متواجدة في بعض المحافظات، ومنذ العام 2019 قتلت القوات العراقية العديد من قيادات التنظيم الارهابي، عمليات عسكرية يصفها الناطق باسم العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي بأنّها أسهمت في اضعاف التنظيم وكشفت عن اصرار القوات الأمنية في إدامة زخم العمليات ومطاردة الارهابيين وتفعيل الجهد الاستخباري والجوي.


وأشار القائد العسكري إلى "تركز عمليات المطاردة والبحث والتفتيش عن بقايا تنظيم داعش في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين والانبار والموصل والقبض على قياداته".


ويشيد الناطق باسم العمليات المشتركة بـ"الدور الكبير للمواطنين في مواجهة الجماعات المسلحة من خلال المعلومة التي تصل للقوات الأمنية والتطور اللافت في الضربات التي ينفذها سلاح الجو العراقي في مطاردة بقايا داعش"، مبيناً أن "المعلومات الاستخبارية الدقيقة مثلت عونا في الوصول الى قيادات تنظيم داعش وتحديد مواقعهم".


وضع اليد على أكداس كبيرة من السلاح والذخيرة، وتجريد العدو من جميع نقاط قوته، وتأهب القوات الامنية في القضاء على أي نشاط للتنظيمات الإرهابية ومطاردته في عمق الصحراء، عوامل مجتمعة يراها المسؤول العسكري من دواعي ديمومة النصر على داعش الارهابي.


وعقب شن تنظيم داعش هجمات محدودة في مدن عراقية مختلفة كلف القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني مؤخرا الفريق قاسم نزال بمهام مساعد رئيس اركان الجيش ضمن سلسلة إجراءات لبعض القيادات الميدانية.

ووجه السوداني "جميع القادة والآمرين بالتواجد الميداني في قواطع العمليات، وأن يكونوا قريبين من الضباط ومنتسبيهم، والعمل على رفع معنوياتهم العسكرية، والوقوف بشكل مباشر على الخطط والتنفيذ الميداني لها"، مؤكداً على ضرورة التنسيق العالي بين الأجهزة الاستخبارية، والتأهب العالي، والقيام بعمليات نوعية واستباقية ضد العدو أينما تواجد".


قدرة قتالية لسلاح الجو


وينفذ القوات الجوية العراقية ضربات موجعة تستهدف عناصر وقيادات من داعش و تأمين القرى من أي هجمات أو تهديدات إرهابية، ومنع عناصرها من إحياء خلاياها النائمة.


"الضربات الجوية الناجحة التي ينفذها سلاح الجو العراقي تدل على ارتفاع القدرات والامكانيات لدى عناصر الاستخبارات العراقية من حيث مراقبة وملاحقة داعش في مختلف المناطق الساخنة خصوصا في المدن النائية"، قناعات راكزة يتبناها الخبير الأمني عماد علو الذي يرى أن تفوق سلاح الجو العراقي سرّع من مهمة القضاء على داعش


الخبير الأمني قال إن "التنظيم الارهابي تكبد خسارة  استراتيجية العصابات التي اعتمد فيها على ضرب المناطق الرخوة، لكن تلك الاستراتيجية فشلت ولم تشكل تهديدا للعراق بعد الضربات المتتالية لسلاح الجو استنزفت مضافاته بشكل مباشر".


وتابع: "لدينا العديد من الطيارين العراقيين اللذين قدموا انموذجا يحتذى به في الوطنية ومحاربة العدو، وهم محط اعتزاز وفخر لجميع أبناء الشعب"، موضحاً بأن "تلك الكفاءات العسكرية تتبع أساليب غير تقليدية للمواجهة، وبالطريقة التي تضعف من قدرات عناصر داعش الارهابية، وتحدّ من حركتهم".