"طمس" مروع يهدد مواقع أثرية ثمينة في العراق والأعين ترنوا لإنقاذها

"طمس" مروع يهدد مواقع أثرية ثمينة في العراق والأعين ترنوا لإنقاذها

+A -A
  • 31-07-2023, 15:00
  • 331 مشاهدة
  • اراء ومقابلات

محمد الزيدي


"طمس واندثار وإهمال"، توليفة عوامل تحيق بالمواقع التراثية والاثرية في محافظة واسط وتجعلها عرضة للضياع، ما يهدد بزوال إرث لا يقدر بثمن ويستحيل تعويضه.  


أكثر من 450 موقع آثاري في مختلف مناطق المحافظة تعكس عمقاً تاريخياً وغنى حضاري، مركونة على جنب ولا تكترث لها الجهات الرسمية، فهي بحاجة إلى إمكانات كبيرة ومتخصصين من أجل الحفاظ عليها.


اثار مهملة  


اسفرت أعمال التنقيب التي انطلقت مبكراً في العديد من مدن محافظة واسط إلى اكتشاف عشرات المواقع الأثرية التي يرجع تأريخها إلى عهود حضارية وحقب زمنية مختلفة، بعض من هذه المواقع لاتزال معالمها شاخصة للعيان، لكن مستقبلها مجهول.


تضم المواقع الأثرية في المحافظة مواقع يمتد عمرها إلى أكثر من 300 سنة قبل الميلاد، وتحوي كنوزاً مهمة تؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ البلاد"، وفقاً لمدير مفتشية آثار واسط فيصل الشمري الذي يكشف في حديثه لـ"ميل" عن تمكن فرق التنقيب من إجراء مسح موقعي لمواقع آثارية مهمة في واسط، كـــتلي "مريس و الولاية" اللذان يعود تأريخهما إلى العصر الحجري في القرن الثامن قبل الميلاد. 


ولايزال موقع "تل الولاية" وفقاً لمفتش آثار المحافظة يضم بقايا مدينة لارك السومرية، وهي أحدى المدن الخمس التي حكمت العراق قبل حدوث الطوفان، فيما عثر سابقاً في مواقع أخرى على سبائك ذهبية تعود للفترة الساسانية.


وتشرف الهيئة العامة للآثار على جميع المواقع الآثارية في المحافظة التي يعود بعضها الى العصور السومرية والأكدية وصولا إلى العصر الإسلامي والعصر الحديث كمقبرة الانكليز والمقبرة العثمانية، لكن ثمة تحدي يواجه تلك المواقع يكمن في تعرضها للطمس والسرقة والنبش سيما في الفترات السابقة وأوقات الاضطرابات.


ويبدي مفتش آثار واسط مخاوفه من مصير المواقع الآثارية ومسؤولية حمايتها والحفاظ عليها مبرراً ذلك بــــ"قلة التخصيصات المالية حالت دون الاهتمام بالآثار وحمايتها".


ويضيف قائلاً، إن "السلطة الأثرية كما تحتاج الى المنقبين والكوادر الفنية، فإنها تحتاج إلى حراس مدنيين لحماية المواقع ومنع حدوث أي عبث فيها، فضلاً عن زيادة الدعم الحكومي المخصص لدوائرنا".


منزل "ثاوزند" أثر بعد عين


لأكثر من مائة عام حافظ بيت الجنرال البريطاني" ثاوزند" الذي يقع قبالة نهر دجلة على كيانه رغم العوامل الطبيعية، وهو ليس مجرد منزل قديم وحجارة مرصوفة، بل يمثل قصة من تأريخ مدينة الكوت، وتندرج أهميته في ارتباطه الوثيق في الأحداث التي شهدتها المدينة بعدما اتخذ القائد البريطاني الشهير (ثاوزند) من البيت مقراً له، وقتما كان يقود معركة شرسة ضد القوات العثمانية انتهت بهزيمة جيشه.


وفي حديثه عن قيمة البيت التأريخية يقول أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة واسط الدكتور ماجد خطاوي لـ"ميل"، إن "المنزل الذي تزين واجهته الشناشيل البغدادية، كان يمثل قيمة تأريخية طالما طالبنا بضرورة الحفاظ عليها"، موضحاً أن "البيت عانى لفترة طويلة من الإهمال الحكومي حتى إنهار في الشهر الماضي بسبب الأمطار والعواصف التي شهدتها المحافظة، وبذلك خسر الواسطيون معلماً آثاريا مهماً".


وفي سؤاله عن مصير تلك المواقع، يقول خطاوي، إن "مدينة الكوت فيها العديد من المواقع التأريخية والآثارية التي تعرضت للاندثار والنبش والإهمال عقب العام 2003 كمدينة دير ايلو  وبناية النجمي، الواقعة في شمال غرب مدينة النعمانية، ويعود تاريخ انشائها إلى الالف السادس الهجري، وتضم قاعة مربعة الشكل مكونة من عدة طبقات من الاقواس المتعاقبة، ويعتقد أنها كانت مرقداً لأحد شيوخ العصر السلجوقي، وهو ما يعظم مسؤولية الحفاظ عليها من قبل الجهات المعنية لما تمثله من قيمة حضارية تفتخر بها الشعوب على الدوام". 


المدرسة الشرابية


لا يمثل بيت الجنرال البريطاني في مدينة واسط ولا بناية النجمي ولا قبر المتنبي مواقع آثارية وحيدة، بل تضم المحافظة مواقع مختلفة كالمحال والمقاهي والبيوتات وغير ذلك.


"بوابة المدرسة الشرابية واحدة من المواقع التي شيدت في العصر العباسي، ولاتزال صامدة، لكن الاهمال والضياع يلفهم من كل جانب"، يقول مدير البيت الثقافي في واسط مناف العتابي الذي لا يتردد في كشف ما تعانيه آثار المحافظة من غياب الخدمات وانعدام الطرق المعبدة. 


ويضيف العتابي في حديث لـ"ميل"، "مع بالغ الاسف شهدت الكثير من المواقع عمليات تخريب وتجريف ونبش عشوائي".


ولا يجد العتابي "خياراً غير قيام الحكومة بحماية المواقع الأثرية في المحافظة والحيلولة دون ضياع حقب البلاد التاريخية التي تمثل كنوزاً لا يستهان بها"، موضحاً أن "محافظة واسط كانت تعد من المدن الإسلامية المتميزة بموقعها الجغرافي بين مدن عصرها كالبصرة والكوفة، وقيمتها التاريخية". 


وتعد المدرسة الشرابية واحدة من المدارس التي بناها جمال الدولة أمير الجيوش، شرف الدين ابو الفضائل إقبال الشرابي في العام 1234 ميلادي، وهي واحدة من ثلاث مدارس تحمل اسمه في كل من مدن واسط وبغداد ومكة المكرمة وقد استخدمت بعض مرافقها لأغراض مختلفة فيما تحولت الى رباط او ملجأ للفقراء او المنقطعين الى العبادة.